المصدر: موقع الطاقة
تعكس عملية نقل أكبر صاروخ في أوروبا على متن سفينة شحن تعمل بطاقة الرياح الجهود المتواصلة الرامية لإزالة الكربون من قطاع الشحن البحري العالمي، في مسعى لتحقيق أهداف الحياد الكربوني؛ اتساقًا مع الأهداف المناخية الطموحة.
وتقول الشركة المشغلة للسفينة إنها من الممكن أن تسهم في خفض الانبعاثات الكربونية بواقع النصف؛ وهو ما يُعَد خُطوة طموحة تمهد الطريق أمام تطبيق تلك التقنية على نطاق واسع في صناعة الشحن البحري.
وتُسهم صناعة الشحن البحري بنحو 3% من انبعاثات الكربون العالمية، ولم تظهر حتى الآن إستراتيجية ناجحة لإزالة الكربون من القطاع، علمًا بأن قطاع الشحن البحري يُطلق قرابة مليار طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا، بحسب تقرير لمركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وفي هذا الإطار تستعد وكالة الفضاء الأوروبية لإطلاق أحدث وأكبر صاروخ في أوروبا الذي يحمل اسم “أرياني 6” في منتصف العام المقبل (2024) بعد نقل مكوناته على متن سفينة شحن تعمل بطاقة الرياح إلى منصة الإطلاق، وفق ما أورده موقع أوراسيان تايمز (The Eurasian Times).
ولعل ما يُضفي عنصر الأهمية على هذا الحدث هو استعمال الوكالة سفينة شحن تعمل بطاقة الرياح لنقل مكونات الصاروخ إلى موقع الإطلاق الكائن في غايانا الفرنسية، أحد أقاليم ما وراء البحار الفرنسية وتقع على الساحل الشمالي لأميركا الجنوبية.
سفينة استثنائية
تُعد السفينة، التي تُدعى كانوبي (Canopée)، سفينة صناعية هجينة رائدة مزودة بأشرعة ذات أجنحة قابلة للطي، وهي كذلك سفينة شحن ذات تصميم فريد وسعة حمولة استثنائية.
تتألف سفينة الشحن التي تعمل بطاقة الرياح من 4 أشرعة يصل ارتفاع كل منها إلى 121 قدمًا (37 مترًا) فوق سطح السفينة الرئيس، وهي تعمل بطاقة الرياح التي تلتقطها عبر أشرعتها الواسعة، والتي تغطي مجتمعةً مساحة تبلغ قرابة 16000 قدم مربع (1486 مترًا مربعًا).
وبينما تعتمد سفينة الشحن التي تعمل بطاقة الرياح -حاليًا- على زوج محركات الديزل، بوصفه مصدر طاقة رئيسًا، يعكس تصميمها مستقبل الشحن العالمي.
خفض استهلاك الوقود
لدى سفينة الشحن العاملة بطاقة الرياح القدرة على خفض معدل استهلاك الوقود بنسبة تصل إلى 50%، وفق تقرير اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وفي أوائل نوفمبر/تشرين الثاني (2023) حققت كانوبي إنجازًا مهمًا عبر إكمالها رحلتها الأولى عبر المحيط الأطلسي؛ إذ نقلت نقلت السفينة المكونات المهمة للجزء العلوي من منصة الإطلاق أريان 6.
وتضمّنت الشحنة المعززات ومكوناتها، والمخصصة جميعها للرحلة؛ حيث جرى تفريغ هذه المكونات المهمة وتسليمها إلى ميناء الفضاء الأوروبي في كورو في غايانا الفرنسية.
ويحتاج أكبر صاروخ في أوروبا والذي بُني في منشآت عبر القارة العجوز، إلى نقل مكوناته إلى ميناء الفضاء التابع لوكالة الفضاء الأوروبية، وهو ما جرى إنجازه على متن سفينة شحن تعمل بطاقة الرياح التي بُنيت خصيصًا لإنجاز الطلبات المعقّدة المتضمنة في نقل أريان 6.
دفع هجين
بوصفها ذات دفع هجين؛ فقد صُممت سفينة شحن تعمل بطاقة الرياح خصيصًا لنقل جميع المراحل والمجموعات الفرعية للصاروخ في آن واحد.
وقال العضو المنتدب في شركة أليزي (Alizés) الفرنسية المشغلة للسفينة نيلز جويو، إنه بمقدورهم تحقيق وفورات تصل إلى 50% أو 60% في ظروف الرياح المثالية.
غير أن تلك الوفورات قد تتراجع إلى قرابة 10% أو 15% في الحالات الأقل ملاءمة.
وأضاف جويو: “في الوقت الراهن، نتوقع توفير قرابة 30% في المتوسط، غير أننا سنحتاج إلى سنوات قليلة إضافية من التشغيل كي نؤكد تلك التوقعات”، في تصريحات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
وأعرب جويو عن بالغ ثقته بالقدرة التنافسية المتنامية لطاقة الرياح خلال الأعوام المقبلة، مؤكدًا أنه رغم أن هذا قد لا يمثل الحل الكامل لإزالة الكربون من قطاع الشحن العالمي؛ فإنه يبقى مكونًا ضروريًا، ولا يمكن غض الطرف عنه بعد الآن.
وفي معرض تعليقه على الفكرة المبدئية لإعادة استعمال الأشرعة في سفن الشحن بوصفها خطوة جريئة، قال العضو المنتدب في شركة أليزي نيلز جويو إنه يرى هذا جانبًا مهمًا من المستقبل، ولا سيما أن هناك شركات شحن عديدة تدرس اتخاذ خطوات مشابهة.
سفينة شحن تعمل بطاقة الرياح
استغرق بناء سفينة الشحن الشراعية الفريدة سنوات، وكان يُستهدف منها –أساسًا- نقل مكونات برنامج وكالة الفضاء الأوروبية إلى موقع الإطلاق في غايانا الفرنسية.
وقد صُممت سفينة شحن تعمل بطاقة الرياح خصيصًا لسد المتطلبات الصارمة لمجموعة أريان غروب التي تشرف على برنامج الفضاء وللتغلب على التحديات التي يفرضها ميناء بارياكابو في غايانا الفرنسية.
وهناك جانب مهم من تصميم السفينة كان يستهدف مواجهة التحديات البحرية التي تفرضها المياه الضحلة، ونهر كورو الضيق؛ ما يضمن قدرتها على الإبحار في تلك الظروف الصعبة مع نقل شحناتها بكفاءة.
بُنيت سفينة الشحن الشراعية بوساطة حوض بناء السفن البولندي نيبتشون (Neptune)؛ لتضطلع بأولى تجاربها البحرية في ديسمبر/كانون الأول (2022) في رحلة من بريمن وروتردام ولوهافر إلى بوردو في طريقها إلى موقع الإطلاق في أميركا الجنوبية.
12 رحلة سنويًا
صُممت السفينة لتنفيذ ما يصل إلى 12 رحلة سنويًا، وبموجب اتفاقية مدتها 15 سنة، تلتزم كانوبي بتزويد المكونات لصالح برنامج الفضاء أريان 6.
يُشار إلى أن وكالة الفضاء الأوروبية تدير تلك المبادرة وتدعمها ماليًا؛ ما يدل على نظام طويل الأجل لاستكشاف الفضاء ونقل المكونات ذات الصلة.
وتتمتع سفينة الشحن الشراعية بسعة نقل تصل إلى 5 آلاف طن، وسرعة تلامس 16.5 عقدة.