المصدر: موقع الطاقة
تبدو الأزمات التي تعانيها شركات بطاريات السيارات الكهربائية في الصين لن تشهد انفراجةً في المستقبل القريب؛ نتيجة استمرار المعضلات التي تعصف بخططها التوسعية، وأبرزها السعة الإنتاجية الزائدة.
وتأتي معضلة السعة الإنتاجية التي تواجهها تلك الشركات مقترنةً بتباطؤ الطلب على بطاريات المركبات الكهربائية وانخفاض الأسعار في ثاني أكبر بلد تعدادًا للسكان في العالم؛ ما يقوّض القدرة التنافسية لصغار المنتجين ويدفعهم -في النهاية- إلى التخارج من السوق.
وما تزال شركات بطاريات السيارات الكهربائية في الصين تُظهِر تفوقًا على منافسيها العالميين؛ ما دفع الغرب والولايات المتحدة إلى تضييق الخناق على بكين في تلك الصناعة عبر حظر واردات عدد من الشركات الصينية.
ووفقًا لأرقام رصدتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، يحمل 6 من أكبر 10 منتجين لبطاريات السيارات الكهربائية في العالم الجنسية الصينية.
عام آخر صعب
تواجه شركات بطاريات السيارات الكهربائية في الصين عامًا صعبًا آخر، نتيجة تراكم مشكلات مثل السعة الإنتاجية الزائدة، والطلب الضعيف والأسعار المنخفضة، وفق ما خلصت إليه نتائج تقرير نشرته منصة بلومبرغ نيو إنرجي فاينانس.
وبينما تستحوذ أكبر شركتين في تصنيع بطاريات السيارات الكهربائية الصينية، ممثّلتين في كونتيمبراري أمبيريكس تكنولوجي كو ليمتد (Contemporary Amperex Technology Co Ltd) و”بي واي دي”، على أكثر من 50% من السوق، تواجه الشركات المنافسة الصغيرة مخاطر تقليص نطاق خططها أو إرجائها أو حتى إلغائها بالكلية، نتيجة عدم قدرتها على مواكبة ظروف السوق إلى جانب اختناق سلاسل الإمدادات.
وقال المحلل في “بي إن إي إف”، جيايان شي: “من المرجح أن تظل أسعار البطاريات منخفضة خلال العام الحالي (2024)، حتى يتخارج اللاعبون الصغار الأقل تأهيلًا وكفاءةً من السوق”، مضيفًا: “ينبغي أن يستمر هذا الاتزان بين الطلب والعرض لأكثر من عام”، بتصريحات وردت في التقرير المنشور.
وبينما أفرزت تلك الحالة من عدم التناسق بين العرض والطلب منافسةً شرسةً ساعدت على خفض التكاليف، إلا أنها تسبّبت في تقليص هوامش الأرباح بالنسبة إلى العديد من مصنعي البطاريات في الصين؛ ما نتَجَ عنه خروج المنتجين الصغار من السوق.
سوق تخزين الكهرباء
أتاحت سوق تخزين الكهرباء متسارعة النمو في الصين طلبًا أكثر مرونة مقارنةً بقطاع السيارات الكهربائية، وفق التقرير الذي طالعت نتائجه منصة الطاقة المتخصصة.
وتُعد عملية اعتماد تخزين الكهرباء أسهل مقارنةً بالسيارات الكهربائية، ولذا سيحاول المنتجون الأقل تنافسية تأمين حصة لهم في تلك السوق لمساعدتهم على مواصلة عملياتهم التجارية.
ومع ذلك لن يكون النمو في سوق تخزين الكهرباء كافيًا لتعويض التراجع في قطاع السيارات الكهربائية الأكبر حجمًا خلال مدة السنوات الـ3 إلى الـ5 المقبلة، وفق التقرير.
وفي العام الماضي (2023) استأثرت السيارات الكهربائية بما يزيد على 70% من إجمالي إنتاج البطاريات في الصين، في حين استُعملَ ما لا يقل عن 20% في تخزين الكهرباء.
وسيَنتُج عن الجهود المكثفة التي تبذلها بكين لتحقيق المواءمة بين الطلب والعرض الزائد، سعة إنتاجية متوقعة ترتفع 6 أضعاف على الطلب المحلي خلال العام الحالي (2024)، بحسب التقرير.
ونظرًا إلى أن الطلب لا يتوافق مع التوقعات، فمن الممكن إرجاء العديد من المشروعات في الصين أو حتى إلغاؤها تمامًا على غرار ما يحدث في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية.
ومن المتوقع أن تصل السعة الإنتاجية الزائدة إلى ذروتها في العام المقبل (2025) على أن تنخفض تدريجيًا بمعدل 4 أضعاف ونصف -تقريبًا- بحلول نهاية العقد الحالي (2030)، وذلك قبل إعلان تنفيذ أي مشروعات جديدة إضافية، وفق التقرير.
سعة عالمية زائدة
في الوقت الذي تواجه فيه شركات بطاريات السيارات الكهربائية في الصين زيادةً في السعة الإنتاجية، تعاني السوق العالمية -هي الأخرى- المعضلة نفسها؛ ما يفاقم الصعوبات أمام الشركات الجديد الراغبة في اقتحام تلك السوق.
وتأتي المعضلة المذكورة في الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة إلى تعزيز جهودها الرامية إلى بناء سلاسل إمدادات محلية في صناعة بطاريات الليثيوم أيون.
ولامس الطلب على بطاريات الليثيوم أيون في صناعة السيارات الكهربائية ومحطات تخزين الكهرباء الثابتة قرابة 950 غيغاواط في عام 2023.
كما بلغت سعة تصنيع البطاريات أكثر من الضعف، مسجلةً ما يقارب 2600 غيغاواط.
وفي عام 2023 جاء معدل إنتاج البطاريات في الصين مماثلًا للطلب العالمي على تلك التقنية الحيوية.
ولا تحاول الولايات المتحدة وحدها زيادة حصتها في سوق البطاريات العالمية؛ إذ تزاحمها في ذلك الدول الأوروبية والهند وآخرون، ممن يمنحون الدعم لتنمية صناعات البطاريات؛ ما يعني تفاقمًا محتملًا في المعروض الزائد.
معاناة الصغار
من المرجح أن تفرض السعة الإنتاجية الزائدة التي تواجهها شركات بطاريات السيارات الكهربائية في الصين خلال عامي 2024 و2025، معضلةً كُبرى للعديد من الشركات الصغيرة التي ستضطر إلى التخارج من تلك السوق لعدم قدرتها على المنافسة ومواكبة قوى السوق المتغيرة باستمرار.
وستتمكن شركات بطاريات السيارات الكهربائية في الصين التي يقترب عددها من 50، من إنتاج بطاريات سعة 4 آلاف و800 غيغاواط/ساعة في عام 2025، أي ما يزيد 4 مرات على الطلب على السيارات الكهربائية في البلاد، بحسب منصة غيلونهوي (Gelonghui) المحلية الرائدة المتخصصة في نشر المعلومات الخاصة بالاستثمار في الصين.
ومن الممكن أن تشغل بطاريات سعة 1 غيغاواط/ساعة قرابة 10 آلاف سيارة كهربائية، وفق معلومات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وفي عام 2025 سترتفع مبيعات السيارات الكهربائية في الصين، أكبر سوق للمركبات منخفضة الانبعاثات في العالم، بنسبة 35% على أساس سنوي إلى 8.8 مليون وحدة، وفق توقعات أطلقها المحلل في مصرف “يو بي إس” بول غونغ في أبريل/نيسان (2024).