المصدر: موقع الطاقة
وجّه تباطؤ مبيعات السيارات الكهربائية في أوروبا والولايات المتحدة ضربة لاقتصادات رابع أكبر شركات صناعة البطاريات في العالم.
وبحسب متابعات منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، فالشركة -“إس كيه أون” الكورية الجنوبية (SK On)- هي المزود الرئيس لبطاريات سيارات شركتي فورد الأميركية (Ford) وفولكسفاغن الألمانية (Volkswagen).
وتحاول شركة “إس كيه غروب” (SK Group) إنقاذ الموقف، عبر اتخاذ سلسلة من الإجراءات الطارئة، منها مواصلة تسريح العمال وتأجيل
افتتاح مصنع جديد في الولايات المتحدة، ودمجها في شركة ثانية أكثر ربحية، من بين أخرى.
وبينما يقول محللون، إن شركات صناعة البطاريات في كوريا الجنوبية، ومنها “إس كيه أون”، لم ترتكب خطأ باستثماراتها التي ارتكزت على أسس واضحة، فقد ألقوا باللوم على صنّاع السيارات الكهربائية الغربيين الذين لم يبذلوا جهودًا كافية لجعل السيارات الكهربائية ميسورة التكلفة وجذابة، وهو ما أدى لتباطؤ المبيعات في الولايات المتحدة وأوروبا.
إجراءات عاجلة
في البداية، راهنت “إس كيه أون” على توقعات كبيرة بحدوث طفرة في الطلب على السيارات الكهربائية في أوروبا والولايات المتحدة.
والآن، اضطرت إلى استمرار تسريح العاملين في مصنعها بولاية جورجيا الأميركية، وأجّلت افتتاح ثاني مصانعها في ولاية كنتاكي، الذي تقيمه بالتعاون مع شركة فورد.
كما تكبدت الشركة خسائر على مدار 10 أرباع متتالية منذ انفصالها عن الشركة الأم في عام 2021.
وتزايدت الديون بأكثر من 5 أضعاف من 2.9 تريليون وون كوري جنوبي (2.1 مليار دولار) إلى 15.6 تريليون وون خلال المدة ذاتها.
(الوون الكوري= 0.00073 دولارًا أميركيًا).
وبسبب تراجع مبيعات السيارات الكهربائية في الغرب بصورة محبطة وأقل كثيرًا من التوقعات، أعلنت الشركة مرورها بأزمة دفعت رئيسها التنفيذي لي سيوك-هي إلى اتخاذ سلسلة من إجراءات خفض التكاليف وأخرى مرتبطة بممارسات العمل يوم الإثنين الماضي (الأول من يوليو/تموز 2024)، فيما وصفه بوضع إدارة حالة الطوارئ.
كما كتب خطابًا إلى موظفي شركته، داعيًا إياهم إلى التكاتف، إذ إنهم في وضع حرج، وفق تقرير لصحيفة “فاينانشيال تايمز” (Financial Times).
وعلاوة على ذلك، كشف مسؤول مطلع أن “إس كيه غروب” ستدرس خلال اجتماع مجلس الإدارة في شهر يوليو/تموز الجاري اتخاذ إجراءات أكثر صرامة، وأحدها دمج الشركة الأم “إس كيه إينوفيشن” (SK Innovation) مع شركة “إس كيه إي آند إس” (SK E&S)، وهي شركة تابعة عالية الربحية متخصصة في إنتاج الغاز الطبيعي المسال.
منافسو “إس كيه أون”
توجد شركة “إس كيه أون” خلف كاتل (CATL) و”بي واي دي” (BYD) الصينيتين و”إل جي إنرجي سوليوشن” (LG Energy Solution) على قائمة أكبر مصنّعي بطاريات السيارات الكهربائية في العالم.
وتهيمن كاتل و”بي واي دي” على 53.2% من السوق العالمية، وفق بيانات شركة الاستشارات الكورية الجنوبية “إس إن إي ريسيرش” (SNE Research).
وعلى عكس “إس كيه أون”، تتركز استثمارات الشركتين الصينيتين في الصين (أكبر سوق سيارات في العالم) حيث اعتماد السيارات الكهربائية أكبر بكثير من الدول الغربية.
وحظي صنّاع البطاريات الكوريون الجنوبيون -وعلى رأسهم “إل جي” (LG) و”إس كيه” و”سامسونغ إس دي إي” (Samsung SDI)- بجانب “باناسونيك” اليابانية (Panasonic) بفرصة لتحقيق النمو بالسوق الغربية مستقبلًا، في وقت تسعى فيه أوروبا والولايات المتحدة لإغلاق الباب في وجه فيضانات البطاريات الصينية المستوردة.
كما استفاد صنّاع البطاريات من غير الصينيين، ومن بينهم “إس كيه أون” من إعانات بقيمة مليارات الدولارات، بفضل قانون خفض التضخم الذي أقرّه الرئيس الأميركي جو بايدن.
لكن صنّاع السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة “خذلوا بشدة” شركات البطاريات الكورية الجنوبية، على حدّ تعبير محلل شؤون البطاريات في مصرف “يو بي إس” (UBS)، المقيم في سول عاصمة كوريا الجنوبية تيم بوش.
ويقول محللون، إن “إس كيه” في وضع أسوأ من منافسيها المحليين “إل جي” “وسامسونغ إس دي إي” اللتين قلّصتا حجم استثماراتهما.
وفي المقابل، فإن “إس كيه وان” وافد متأخر على سوق بطاريات السيارات الكهربائية، ولذلك فهي تقدّم إلى المستهلكين عروض أسعار سخية.
السيارات الكهربائية
يقول المحلل في مصرف “يو بي إس” تيم بوش، إن الشركات الأميركية فشلت في إنتاج سيارات كهربائية جذابة بما يكفي لإقناع المستهلكين بالشراء، ومن ثم تحقيق التوقعات المتفائلة بشأن المبيعات.
ودلّل على انهيار المبيعات في الولايات المتحدة بالمقارنة بين طموحات شركة جنرال موتورز الأميركية (General Motors) في العام الماضي (2023) لتحقيق مبيعات تصل إلى المليون وحدة في 2025، وبيع 21 ألفًا و930 سيارة كهربائية فقط في الربع الثاني من 2024.
ودافع عن شركات تصنيع بطاريات السيارات الكهربائية في كوريا الجنوبية، قائلًا، إنها لم تخاطر باستثمارات “على غير هدى”، وإنما كل ما استثمرته كان بناءً على الطلبات وبأحجام وأسعار ثابتة، مبيّنًا: “لكن صنّاع السيارات لم يستثمروا كفاية في إنتاج سيارات كهربائية ميسورة التكلفة وبجودة عالية”.
ورغم تباطؤ انتشار السيارات الكهربائية بصورة أبطأ من المتوقع، فإن التحول إلى السيارات الكهربائية ما زال أمرًا لا مفر منه، بحسب بوش.
وما دامت “إس كيه غروب” ترى في شركة البطاريات التابعة “إس كيه أون” أصلًا ثمينًا، وتقدم لها الدعم الذي تحتاج إليه لتجاوز العاصفة، فإن من المحتمل أن يكون لها مستقبل مضمون على المدى البعيد.