المصدر: موقع الطاقة
تشير مبيعات السيارات الكهربائية الصينية في الداخل إلى أن عدد السكان الهائل قد يكون نعمة في الأوقات الصعبة، فرغم تراجع القوة الشرائية بسبب تباطؤ النمو الاقتصادي، وعقبات التصدير إلى أسواق رئيسة، قفزت الأرقام في شهر مايو/أيار 2024.
ويُرجع محللون سبب هذه القفزة في مبيعات سيارات الصين الكهربائية إلى تخفيضات الأسعار من قبل المنتجين، وفق تقرير طالعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
غير أنه من المؤكد أن الكثافة السكانية أدّت دورًا مهمًا في تعزيز الاستهلاك الذي قد يصدّ الحرب الدائرة ضد السيارات الكهربائية الصينية من أوروبا وأميركا، خاصة أن بكين لديها أكبر طبقة وسطى في العالم، وعدد سكانها يتجاوز 1.4 مليار نسمة.
وقفزت مبيعات شركات عديدة، كبيرة وصغيرة، مثل: “بي واي دي” BYD و”نيو” Nio و”سيريس غروب” Seres Group التابعة لشركة الهاتف المحمول العملاقة “هواوي” Huawei التي تنتج السيارة “آيتو إيفز” Aito EVs.
نقطة مضيئة
ما تزال السيارات الكهربائية الصينية تمثّل نقطة مضيئة في صناعة المركبات في الدولة الآسيوية العملاقة، إذ تظهر إشارات على التغلب على التباطؤ الاقتصادي الذي يبدو أن بكين لا تستطيع الإفلات من براثنه، رغم انتهاء أزمة وباء كورونا التي كانت شرارة البداية، حسبما ذكرت وكالة بلومبرغ، اليوم الإثنين 3 يونيو/حزيران 2024.
وقفزت مبيعات السيارة “آيتو إيفز” بمقدار 3 أضعاف على مستوى سنوي في شهر مايو/أيار 2024، مسجلة 34.1 ألف مركبة، بينما ارتفعت مبيعات “نيو” بنسبة 234%، في حين تضاعفت مبيعات شركة “زيكر إنتيليجنت تكنولوجي هولدينغ” Zeekr Intelligent Technology Holding بمقدار الضعف.
وحققت الشركة الأكبر في السوق “بي واي دي” أعلى مبيعات في قطاع السيارات الكهربائية الصينية، إذ بلغت 330488 مركبة، بنسبة ارتفاع أكثر من 25% في مايو/أيار 2024، مقارنة بالشهر ذاته في 2023.
كما شهدت شركتا “إكسبنغ” Xpeng Inc ارتفاعًا لمبيعات السيارات الكهربائية بنسبة 35%، و”لي أوتو” Li Auto بنسبة 24%، في مدة المقارنة نفسها.
وصعدت أرقام المبيعات بأسهم الشركات في بورصة هونغ كونغ في التعاملات الصباحية، إذ قفز سهم “بي واي دي” بنسبة 6.1%، وارتفعت أسهم عدّة شركات في بورصة سنغافورة مثل “نيو” بنسبة 5.1% و”لي أوتو” بنسبة 5.25% و “إكسبنغ” 1.7%.
مشكلات داخلية وخارجية
جاء نمو مبيعات السيارات الكهربائية الصينية خلال الشهر الماضي، رغم مشكلات تواجهها الصناعة في الداخل والخارج.
وعلى المستوى المحلي، تراجع إنفاق المستهلكين على سلع عديدة، بدءًا من الملابس وحتى السيارات في أبريل/نيسان 2024، كما تواجه السيارات الكهربائية الصينية منافسة حادة في الداخل.
وفي الخارج، تترقب السيارات الكهربائية الصينية رسومًا جمركية على الصادرات إلى أوروبا، بعدما فرضت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن رسومًا بنسبة 100% على الواردات من بكين.
وجاءت تلك الخطوات بعدما تعرضت صناعة السيارات الكهربائية الصينية وكل معدّات وأدوات تحول الطاقة التي تهيمن عليها بكين عالميًا، لحرب شرسة من قبل الدول الغربية والمنتجين في بلدانهم؛ نتيجة تفضيل مواطنيهم للمركبة الصينية لما تتميز به من أسعار أرخص، وتصميمات أكثر جاذبية مقارنة بمنتجاتهم.
شعور مريح
تمنح أرقام مبيعات السيارات الكهربائية الصينية والهجينة المبدئية في الداخل في مايو/أيار 2024 شعورًا مريحًا للمنتجين، إذ تشير بيانات جمعية سيارات الركوب China Passenger Car Association أنها سترتفع بنسبة 33% على مستوى سنوي.
وتأتي تلك الزيادة رغم انخفاض مبيعات السيارات بصورة عامة، شاملة مركبات الوقود الأحفوري بنسبة 5.3%، التي أرجعتها الجمعية إلى عطلة عيد العمال الطويلة التي استغرقت أسبوعًا، وكانت كلّها في شهر مايو/أيار 2024.
ويرى محللون أن تخفيضات أسعار السيارات الكهربائية الصينية، التي بدأتها “بي واي دي”، ثم لحقتها باقي الشركات، كانت سببًا رئيسًا في قفزة المبيعات، وسط تراجع إنفاق المستهلكين على السلع.
غير أن هناك عاملًا آخر رئيسًا أدّى دورًا في تلك المبيعات، وهو الكثافة السكانية، التي تفوق عدد سكان أميركا وأوروبا مجتمعتين، إذ يدور عدد سكان الاتحاد الأوروبي بدوله الأعضاء الـ27 حول 500 مليون نسمة، في حين يقلّ في أميركا عن 350 مليون نسمة.
وقالت دراسة نشرتها مجلة “تشينا بريفينغ”، قبل نحو العام: “قدّم نمو الطبقة الوسطى، الأكبر عالميًا، في الصين مجموعة من الفرص الجديدة للشركات العالمية التي تسعى إلى الاستفادة من القوة الشرائية المتزايدة، ومع ارتفاع الدخل، صعد -أيضًا- الطلب على السلع الاستهلاكية مثل السيارات والإسكان والتعليم والرعاية الصحية والسفر.. أصبحت الطبقة الوسطى وسيلة مهمة للصين لتحقيق درجة أعلى من الاكتفاء الذاتي الاقتصادي، من خلال الاستفادة من الطلب المحلي على السلع والخدمات”.