المصدر: موقع الطاقة
تُشكِّل السيارات الكهربائية الصينية شبحًا يُطارد المصنّعين الأوروبيين بسبب رخص ثمنها؛ ما يهدد القطاع بالإغراق والتداعي كما حدث مع صناعة الألواح الشمسية التي هيمنت عليها بكين.
ولذلك، أعلنت المفوضية الأوروبية، في 13 سبتمبر/أيلول 2023، فتح تحقيق رسمي بشأن فرض رسوم جمركية لحماية المنتجين المحليين من “فيضان” واردات السيارات الكهربائية الصينية الرخيصة التي تستفيد من الإعانات الحكومية.
من جانبها، ردّت بكين على الاتهامات، اليوم الأربعاء 4 أكتوبر/تشرين الأول 2023، معربة عن استيائها من القرار الأوروبي بالمشاركة في مشاورات حول التحقيق خلال “مدة قصيرة للغاية”، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
ودحضت وزارة التجارة الصينية، في بيان، الاتهامات قائلة إنها تفتقر للأدلة الكافية، بحسب تقرير نشرته وكالة رويترز.
وتُشير أرقام المفوضية إلى أن حصة السيارات الكهربائية الصينية بالسوق الأوروبية ارتفعت إلى 8%، ومن المحتمل أن تصل إلى 15% في عام 2025، وعادةً ما تنخفض أسعارها بنسبة 20% مقارنة بنظيرتها في الاتحاد الأوروبي.
تحقيق السيارات الكهربائية الصينية
قالت الصين إنها “مستاءة للغاية” من التحقيق الأوروبي، مشيرة إلى أنه يفتقر للأدلة الكافية ولا يتماشى مع قواعد منظمة التجارة العالمية.
وبحسب البيان، سيولي الجانب الصيني اهتمامًا كبيرًا بإجراءات التحقيق لحماية حقوق الشركات الصينية ومصالحها.
كما حثت الصين -عبر وزارتها للتجارة- الاتحاد الأوروبي على حماية استقرار سلسلة التوريد العالمية والشراكة الإستراتيجية بين الجانبين، مع تطبيق تدابير الآليات العلاجية لدعم المنافسة التجارية “بحكمة”.
جاء إعلان فتح تحقيق بشأن فرض رسوم جمركية عقابية لحماية المنتجين داخل الاتحاد الأوروبي من واردات السيارات الكهربائية الصينية، خلال الخطاب السنوي لرئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين، أمام البرلمان الأوروبي.
وقالت: “الأسواق العالمية مغمورة حاليًا بالسيارات الكهربائية الرخيصة. وتتراجع أسعارها عمدًا بوساطة الإعانات الحكومية الضخمة”.
وجاءت الإعانات الحكومية الصينية في صورة منح وقروض بشروط تفضيلية من البنوك المملوكة للدولة وتخفيضات وإعفاءات ضريبية وتقديم الدولة سلعًا وخدمات مثل المواد الخام والمكونات لشركات السيارات الكهربائية الصينية، بأسعار أقل من العادية.
ويشمل التحقيق السيارات الكهربائية الصينية العاملة بالبطارية، وعلامات تجارية غير صينية تُصنع هناك مثل تيسلا (Tesla) الأميركية ورينو (Renault) الفرنسية وبي إم دبليو (BMW) الألمانية.
ولم تُحدد المفوضية في إعلانها، الذي جاء بالصحيفة الرسمية للمفوضية، موعدًا زمنيًا للتحقيق، والجديد هو أن التحقيق لم يأتِ بناءً على شكوى من داخل الصناعة، وإنما قررته المفوضية بنفسها.
وبحسب المفوضية؛ فالمعلومات التي جمعتها تميل لإثبات أن منتجي السيارات الكهربائية الصينية استفادوا من الإعانات، وهو ما عاد بالضرر على الصناعة الأوروبية.
وسمحت تلك الإعانات بالصعود السريع لواردات السيارات الكهربائية الصينية الرخيصة الواردة إلى الاتحاد الأوروبي، ومن المتوقع أن تتزايد النسبة في المستقبل القريب.
يوضح الإنفوغرافيك التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- وجود الصين والدول الأوروبية على قائمة أعلى 10 دول اقتناءً للسيارات الكهربائية:
آثار سلبية خطيرة
كانت لتدفق السيارات الكهربائية الصينيّة الرخيصة وخفض تيسلا أسعار طرازاتها أكثر من مرة خلال العام، آثار سلبية في بعض الشركات الأوروبية، بحسب تقرير نشرته وكالة رويترز واطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وأعلنت شركة رينو، في يوليو/تموز 2023، أنها ستخفض نفقات إنتاج السيارات الكهربائية بنسبة 40%.
وحذّر مؤسس شركة نيو (Nio)، في أبريل/نيسان 2023، من فرض حكومات أجنبية سياسات حمائية ضد صنّاع السيارات الكهربائية الصينية.
وأكد أن شركته ونظراءها الصينيين يتمتعون بميزة انخفاض تكلفة شراء السيارات الكهربائية مقارنة بالمنافسين مثل تيسلا بنسبة 20%، بفضل سيطرة الصين على سلسلة التوريد والمواد الخام اللازمة للصناعة.
ويقول كبير المحللين في معهد روكي ماونتين البحثي (Rocky Mountain Institute) كينغسميل بوند، إن المنتجين الصينيين حققوا عائدات ضخمة نظير الاستفادة من فرق أسعار البطاريات التي سجّلت محليًا 130 دولارًا لكل كيلوواط/ساعة مقارنة بالسعر العالمي البالغ 151 دولارًا.
وتقول شركة أليكس بارتنرز (AlixPartners) الاستشارية إن حجم الإعانات الحكومية الصينية للسيارات الكهربائية والهجينة بلغ 57 مليار دولار خلال المدة بين عامي 2016 و2022.
وبحسب الشركة؛ ساعدت تلك الإعانات الصين لتصبح أكبر منتج للسيارات الكهربائية في العالم، كما تجاوزت اليابان لتصبح أكبر مصدر للسيارات خلال الربع الأول من هذا العام (2023).
وانتهى برنامج الدعم لشراء السيارات الكهربائية في الصين، الذي دام 11 عامًا، في 2022، إلا أن بعض السلطات المحلية ما زالت تقدّم إعانات أو خصومات ضريبية لجذب الاستثمارات، كما قدّمت إعانات للمستهلكين.
وتقول رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، إن السيارات الكهربائية مهمّة لتحقيق أهداف الحفاظ على البيئة، مضيفة: “أوروبا منفتحة على المنافسة ولكن ليس على السباق نحو القاع”.
وأشارت إلى أن الاتحاد الأوروبي لا يريد تكرار تجربة انهيار صناعة الألواح الشمسية الأوروبية على يد الواردات الصينية الرخيصة.