المصدر: موقع الطاقة
احتضن المغرب مؤخرًا اختبارات أول سيارة دفع رباعي تعمل بالطاقة الشمسية، والتي تقدم تجربة مميزة للقيادة دون أية انبعاثات كربونية.
واختبرت السيارة الرياضية متعددة الأغراض -والتي تبلغ سرعتها القصوى 145 كيلومترا/ساعة- السير في الطرق الوعرة والجبلية، والمناطق التي لا يتاح فيها سوى بنية تحتية محدودة بمجال إعادة الشحن، وفق ما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
تعتمد ستيلا تيرا (Stella Terra) أول سيارة دفع رباعي تعمل بالطاقة الشمسية، على ألواح شمسية مثبتة على سطحها المائل لشحن بطاريتها الكهربائية، ما يمكنها من السير مسافات طويلة معتمدة في ذلك الطاقة المستمدة من الشمس فقط.
اختبار المغرب
اختبر فريق العمل السيارة في المغرب، في وقت سابق من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وجرت قيادتها لمسافة تجاوزت 1000 كيلومتر (621 ميلًا) بين الساحل الشمالي والصحراء الكبرى جنوب البلاد.
وتعتبر تجربة “ستيلا تيرا” في الصحراء المغربية إنجازًا مهمًا في مجال تطوير السيارات الشمسية، فإمكانية القيادة لمسافات طويلة بالاعتماد على الطاقة الشمسية تعزز من فعاليتها في المناطق النائية.
فبعد الكشف عن النموذج الأولي للسيارة ذات الدفع الرباعي في سبتمبر/أيلول 2023، سافر الفريق إلى المغرب لاختبار السيارة على مجموعة من التضاريس الوعرة.
وانطلق الفريق من طنجة، ومر عبر سلسلة جبال الريف الوعرة، حيث كان الصعود والهبوط السريع بمثابة اختبار لستيلا تيرا في أول تحدٍ لها على الطرق الوعرة.
وبالتوجه جنوبًا عبر فاس، اختبر الفريق السيارة على المسارات الجبلية في ميدلت (إحدى أعلى المدن في المغرب) وأنهى رحلته في الصحراء الكبرى، متحديًا ستيلا تيرا على مسارات رملية أكثر مرونة.
في وقت مبكر من الرحلة، تعرض الفريق لانتكاسة عندما تعطل نظام التوجيه، لكنه عثر على قطع غيار جديدة وإصلاح السيارة في ورشة عمل محلية.
يقول مسؤول الفعاليات بالفريق، تيم بوسمان: “يمكن لأول سيارة دفع رباعي تعمل بالطاقة الشمسية قطع الطرق الوعرة وربط المناطق النائية”، حسبما ذكرت سي إن إن.
وأضاف بوسمان: “يحظى المغرب بتنوع هائل في المناظر الطبيعية والأسطح المختلفة على مسافات قصيرة من بعضها البعض”، موضحًا أن السيارة اختُبرت على جميع أنواع الأسطح التي يمكن لسيارة من هذا الطراز مواجهتها.
مواصفات أول سيارة دفع رباعي تعمل بالطاقة الشمسية
صُممت أول سيارة دفع رباعي تعمل بالطاقة الشمسية، على يد فريق من طلاب في جامعة أيندهوفن للتكنولوجيا في هولندا.
وتبلغ السرعة القصوى للسيارة 145 كيلومترًا (90 ميلًا) في الساعة، وفي يوم مشمس، يقدر نطاق بطارية السيارة بنحو 710 كيلومترات (441 ميلًا) على الطريق، ونحو 550 كيلومترًا (342 ميلاً) على الطرق الوعرة، حسب السطح، في الظروف المناخية الغائمة، يقدر فريق العمل أن النطاق قد ينخفض بمعدل 50 كيلومترًا.
وتحتوي السيارة على بطارية ليثيوم أيون قابلة لإعادة الشحن، والتي من شأنها أن تسمح لها بالعمل في مناخات أقل مشمسة ولكن على مسافات أقصر.
تتطلب سيارات الدفع الرباعي الكهربائية القياسية بطاريات أكبر وأثقل لتشغيلها، لذا عمل فريق عمل سيارة “ستيلا تيرا” الوصول بوزن السيارة لأقل مقدار ممكن، إذ ركز فريق العمل المكون من 22 طالبًا تتراوح أعمارهم بين 21 و25 عامًا على جعل كل عنصر فائق الكفاءة.
وصل فريق العمل بوزن السيارة إلى 2645 رطلاً فقط (1200 كيلوغرام)، ما يعني نحو 25% أقل من متوسط وزن سيارات الدفع الرباعي متعددة الأغراض ومتوسطة الحجم.
وتعتمد “ستيلا تيرا” على فكرة العربة التي تعمل بالطاقة الشمسية والتي تم إنتاجها سابقًا في الجامعة، وقام المصممون بجعل عناصر السيارة الرياضية متعددة الاستخدامات صالحة للعيش في رحلات طويلة ومتعددة الأيام.
على سبيل المثال، مقاعد السيارة قابلة للإمالة بالكامل لإنشاء سرير، وعندما تكون السيارة ثابتة، يمكن تمديد الألواح الشمسية لتحقيق أقصى قدر من الشحن، مع مضاعفة استخدامها كمظلة للظل.
سيارة ستيلا تيرا
عمل فريق سيارة ستيلا تيرا على تهيئة المركبة الجديدة على الظروف القاسية للطرق الوعرة مع الحفاظ على فعاليتها وخفة الوزن بما يكفي لتشغيلها بواسطة الشمس.
ولهذا السبب كان على الفريق تصميم كل شيء تقريبًا للسيارة بأنفسهم، بدءًا من نظام التعليق وحتى محولات الألواح الشمسية.
يقول المدير الفني للمشروع، بوب فان جينكل (يبلغ من العمر 24 عامًا): إن “فشل نظام التوجيه في السيارة ذات اللون الكاكي الأخضر خلال التجربة التي استمرت أسبوعًا ونصف الأسبوع في المناطق الجافة والمتنوعة في شمال أفريقيا، من طنجة إلى الصحراء الكبرى، ولكن تم تصحيحه بسرعة”
وأضاف: “نأمل أن يكون هذا مصدر إلهام لشركات تصنيع السيارات مثل لاند روفر وبي إم دبليو لجعلها صناعة أكثر استدامة… إذ تعد السيارة في الواقع مريحة للغاية في ظروف الطرق الوعرة لأنها خفيفة للغاية ولا تتعثر”.
وتبين أن المحول المخصص للسيارة للألواح الشمسية فعال بنسبة 97% في تحويل ضوء الشمس الذي تمتصه الخلايا الكهروضوئية إلى شحنة كهربائية، إذ نجحت ستيلا تيرا في أن تكون أكثر كفاءة بنسبة الثلث مما كان متصورًا في الأصل.
ويقول المدير المالي للمشروع، بريت فان هولست (يبلغ من العمر 21 عامًا)-: “لا يزال هناك المزيد من العمل الذي يتعين القيام به قبل أن يتم طرح التصميم إلى السوق، لكنه يوفر وسيلة لاستكشاف شركات صناعة السيارات الكبرى”، حسبما ذكرت صحيفة الغارديان البريطانية.
التحدي الأكبر الذي يواجه المصممين الذين يسعون إلى بناء سيارات تعمل بالطاقة الشمسية هو المساحة السطحية المحدودة التي يمكن وضع الألواح عليها، إذ يعد إنتاج الألواح عالية الكفاءة القادرة على توليد كهرباء كافية لتشغيل المركبات لمسافات طويلة أمرًا مكلفًا.
وتصل كفاءة الألواح الأكثر كفاءة في السوق بشكل عام إلى نحو 45%، بينما تبلغ كفاءة معظم الألواح نو 15% إلى 20%.
ويقول فان جينكل، إن سائقي سيارات الدفع الرباعي التي تعمل بالطاقة الشمسية، قادرون على السفر على الطرق الوعرة، ودون الحاجة إلى نقاط شحن، ويتمتعون بالحرية للذهاب إلى أي مكان يريدون.
تكلفة سيارات الطاقة الشمسية
لا يهدف فريق أول سيارة دفع رباعي تعمل بالطاقة الشمسية إلى الربح، واعتمد على الرعاة في ميزانيته، إذ يقول متحدث باسم الشركة إن الفريق لم يتمكن من تقدير التكلفة الإجمالية للمشروع.
ويبدو أن تكلفة التصنيع كانت عاملاً مثبطًا في أحدث محاولة لاقتحام سوق السيارات من قبل شركة أطلس تكنولوجيز Atlas Technologies، ومقرها هولندا، والتي كانت تعتزم العام الماضي إنتاج سيارات تعمل بالطاقة الشمسية، وكان مقرر بيعها للبيع بالتجزئة بمبلغ 500 ألف يورو (527.71 ألف دولار)، لكن الشركة أعلنت إفلاسها بعد نقص الطلبات.
وعادت الشركة إلى الظهور منذ ذلك الحين بنموذج جديد سيكلف 40 ألف دولار للسيارة ويكون قادرًا على السفر لمسافة 500 ميل تقريبًا بين الشحنات.
ويأمل بوسمان أن يتم إنتاج مفهوم سيارات الدفع الرباعي بكميات كبيرة في المستقبل القريب، إذ يقول: “نحن نهدف أيضًا ليس فقط إلى إلهام الأشخاص العاديين، ولكن أيضًا صناعة السيارات، وسيارات فورد وكرايسلر في العالم، للتفكير مرة أخرى في تصميماتهم والابتكار بشكل أسرع مما يفعلون حاليًا”.