طفرة السيارات الكهربائية في أميركا تنهار.. انخفاض الطلب وتسريح العمالة (تقرير)

المصدر: موقع الطاقة

تواجه صناعة السيارات الكهربائية في أميركا رياحًا معاكسة، على الرغم من الوعود المستمرة بازدهار القطاع بما يعود بالنفع على عمليات التوظيف في البلاد.

ووفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة، تتخذ منشآت الليثيوم والنيكل -المعادن المستعملة في بطاريات الليثيوم أيون للسيارات الكهربائية– تدابير لخفض التكاليف، بما في ذلك تسريح العمال بصورة جماعية وتعليق العمليات، مع تراجع الاهتمام بالمركبات الكهربائية.

وما يزال مشترو السيارات مترددين في تغيير سيارتهم التي تستهلك كميات كبيرة من الوقود بأخرى كهربائية، بسبب السعر المرتفع والمخاوف بشأن قدرتهم على شحن السيارة بسهولة.

كان الطلب على السيارات الكهربائية قد ارتفع في عام 2022 بنسبة 76% في أبريل/نيسان، ولكن بحلول نهاية عام 2023، انخفض عدد المركبات المبيعة إلى 50% فقط.

تسريح آلاف الموظفين في أميركا

أدى تراجع الاهتمام بالمركبات الكهربائية إلى انخفاض سعر الليثيوم بنسبة 90% منذ يناير/كانون الثاني من العام الماضي (2023).

ونظرًا إلى أن مبيعات السيارات الكهربائية لا تتزايد بالسرعة التي توقعتها شركات السيارات، فإن تباطؤ إنتاج الليثيوم والنيكل يعني أن الناس يفقدون وظائفهم في صناعة كانت واعدة ذات يوم، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة، في صحيفة “ديلي ميل” البريطانية (Daily Mail).

يأتي هذا مع انهيار أسعار الليثيوم والنيكل، ما يؤثر في شركات إنتاج الليثيوم الكبرى في الولايات المتحدة، مثل ألبيمارل (Albemarle)، التي كان من المفترض أن تبدأ بناء مصنع لليثيوم في ولاية كارولينا الجنوبية خلال العام الجاري (2024).

وخططت ألبيمارل لإنتاج ما يكفي من الليثيوم لتشغيل 2.4 مليون سيارة كهربائية سنويًا، لكن الشركة اضطرت إلى وقف الإنفاق على المصنع مؤقتًا وتسريح 4% من قوتها العاملة، التي تصل إلى 300 موظف.

وصرحت شركة بيدمونت ليثيوم (Piedmont Lithium)، الواقعة في بلمونت بولاية نورث كارولينا، خلال الأسبوع الماضي، أنها تخطط لتوظيف أكثر من 400 موظف بمتوسط راتب قدره 82 ألف دولار، حتى مع إعلان الشركة أنها ستسرح 27% من قوتها العاملة.

زيارة الرئيس جو بايدن لمصنع السيارات الكهربائية التابع لشركة جنرال موتورز
زيارة الرئيس جو بايدن لمصنع السيارات الكهربائية التابع لشركة جنرال موتورز – الصورة من وكالة رويترز

السيارات الكهربائية في أميركا

في انعكاس واضح لانهيار صناعة السيارات الكهربائية في أميركا، ألغت شركة فورد (Ford) 1400 وظيفة في مصنع الليثيوم الذي كان واعدًا في ميشيغان، في حين سرّحت شركة جنرال موتورز (General Motors) جميع عمالها البالغ عددهم نحو 1000 عامل في مصنعها في ديترويت، مع وعد بإعادة توظيف الموظفين في عام 2025.

وقال الرئيس التنفيذي لمركز أبحاث السيارات، آلان أميسي: “أعتقد أن ما تراه هو التغير في مدى سرعة استعداد الناس لشراء السيارات الكهربائية في الوقت الحالي، لأنها باهظة الثمن، وهناك قلق بشأن البنية التحتية للشحن”.

وتابع: “إذا كنت صانع سيارات، فأنت تحاول مطابقة إنتاجك مع الطلب.. ليس من المفيد لأي شخص ملء ساحة ما بالمركبات الكهربائية التي لا تُباع”.

في المتوسط، يستغرق صانعو السيارات 3 أسابيع أطول لبيع سيارة كهربائية مقارنة بالسيارة التي تعمل بالبنزين، ما يدفع الشركات إلى تقديم حسومات وصفقات أسعار فائدة أقل لجذب المشترين.

ونتيجةً لذلك، اضطرت الشركات بما في ذلك جنرال موتورز وفورد، إلى إبطاء التوسع في تطوير السيارات الكهربائية ومصانع إنتاج البطاريات، حتى مع تقديم وعود جديدة لفتح المزيد من مصانع الإنتاج في العامين المقبلين.

تراجع الطلب على السيارات الكهربائية

تعليقًا على تراجع الطلب الملحوظ، قالت رئيسة مجلس الإدارة، الرئيسة التنفيذية لشركة جنرال موتورز، ماري بارا، خلال الشهر الماضي: “هذا صحيح.. فقد تباطأت وتيرة نمو السيارات الكهربائية، ما خلق بعض عدم اليقين”.

وأضافت: “سنبني حسب الطلب، وما يشجعنا أن العديد من توقعات الجهات الخارجية تشير إلى ارتفاع تسليمات السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة من نحو 7% من الصناعة في عام 2023، إلى 10% على الأقل في عام 2024، وهو ما يعني عامًا آخر من مبيعات السيارات الكهربائية القياسية”.

وزعمت أن جنرال موتورز لديها 100 ألف حجز لسيارات بيك أب من العام الجاري (2024) إلى العام المقبل (2025)، لكنها حذرت من أنه إذا تغير الطلب على المركبات الكهربائية، فستتطلع الشركة بدلًا من ذلك إلى بناء المزيد من مركبات محركات الاحتراق الداخلي.

وقال المدير المالي لشركة جنرال موتورز، بول جاكوبسون: “نعلم أن سوق السيارات الكهربائية لن تنمو بالتتابع.. نحن على استعداد للتنقل بين إنتاج مركبات الاحتراق الداخلي والمركبات الكهربائية”.

ويمثل هذا تحولًا كبيرًا عن أهداف جنرال موتورز في عام 2021 المتمثلة في بيع السيارات الكهربائية بالكامل فقط بحلول عام 2035، واستثمار 27 مليار دولار في السيارات الكهربائية.

ومع ذلك، على الرغم من تباطؤ المعدل المتزايد للطلب على السيارات الكهربائية، فإن الشركة تعتقد أنها ما تزال تتحرك في الاتجاه الصحيح، حسبما صرح المدير التنفيذي للشؤون المالية والمبيعات في جنرال موتورز جيمس كاين.

في فبراير/شباط 2023، وعدت شركة فورد ببناء مصنع لبطاريات السيارات الكهربائية بقيمة 3.5 مليار دولار في ميشيغان، للاستفادة من قانون المناخ التاريخي الذي اقترحه الرئيس جو بايدن، الذي من شأنه أن يضمن أن ثلثي جميع السيارات المبيعة في الولايات المتحدة ستكون كهربائية بالكامل بحلول عام 2032.

الرئيس الأميركي جو بايدن يقود سيارة كهربائية
الرئيس الأميركي جو بايدن يقود سيارة كهربائية – الصورة من وكالة رويترز

تراجع مبيعات السيارات الكهربائية في 2024

في سياقٍ متصل، سجلت مبيعات السيارات الكهربائية على مستوى العالم، تراجعًا في يناير/كانون الثاني 2024، بنسبة 26% على أساس شهري، وفق الأرقام التي اطّلعت عليها منصة الطاقة.

فقد بلغت مبيعات السيارات الكهربائية بالكامل، التي تعمل بالبطاريات، والسيارات الهجينة القابلة للشحن الخارجي، نحو 1.1 مليون وحدة في يناير/كانون الثاني الماضي.

وقال مدير بيانات شركة “رو موشن”، تشارلز ليستر، إن مبيعات السيارات الكهربائية في ألمانيا وفرنسا انخفضت بنحو 50% مقارنةً بشهر ديسمبر/كانون الأول 2023، بعد أن ألغت ألمانيا الدعم، وشددت فرنسا متطلباتها للحصول على إعانات.

وانخفضت المبيعات في الصين بنسبة 26% على أساس شهري في يناير/كانون الثاني 2024، قبل حلول العام الصيني الجديد (الذي بدأ في 10 فبراير/شباط 2024)، وانخفضت بنسبة 32% في أوروبا، و14% في الولايات المتحدة وكندا.

وأعرب المستهلكون عن شكوك حول العمر المتوقع للبطاريات، وتكاليف الإصلاح، والمدى الذي يُمكن أن تقطعه السيارة بشحنة واحدة، إذ كانوا قلقين بشأن أوقات الشحن، وعدم وجود أماكن كافية لتوصيلها بأجهزة الشحن.

 

شارك هذا الخبر