المصدر: موقع الطاقة
تتعرّض شركات السيارات الأميركية لانتقادات حادة لضعف مبادرتها إلى خفض الانبعاثات من قطاع النقل البري رغم قيادتها لصيحة المركبات الكهربائية عالميًا.
وأظهر تقرير رسمي أميركي -حصلت وحدة أبحاث الطاقة على نسخة منه- نتائج أقل من المطلوب في كفاءة استهلاك الوقود وخفض الانبعاثات الصادرة عن أسطول المركبات الجديد لعام 2022 في الولايات المتحدة.
وتشير نتائج التقرير، الصادر عن وكالة حماية البيئة الأميركية، إلى أن شركات السيارات الأميركية ما زالت متأخرة في تحول الطاقة؛ حيث تواصل بيع ملايين السيارات التي تستهلك كميات كبيرة من الغاز إلى جانب حصة ما زالت صغيرة من السيارات الكهربائية وغيرها من المركبات النظيفة.
نتائج انبعاثات وكفاءة أقل من المطلوب
أصدر أسطول المركبات الجديد لعام 2022 انبعاثات كربونية أقل بمقدار 10 غرامات فقط لكل ميل مقارنة بعام 2021؛ ما يشير إلى تحسن بنسبة 2.2% فقط، ويقل عن المعدل السنوي البالغ 5%، الذي وعدت به شركات السيارات الأميركية في عام 2012.
على الجانب الآخر، حققت شركات السيارات الأميركية مكاسب كبيرة في كفاءة استهلاك الوقود، لكنها ما زالت أقل من المطلوب لتحقيق الأهداف المرجوة على مدى الخطط الزمنية المستهدفة.
وارتفع الاقتصاد في استهلاك الوقود لطرازات السيارات في عام 2022، بصورة طفيفة إلى 26 ميلًا للغالون، بزيادة 0.6 ميلًا لكل غالون عن العام السابق، وهو ما يعادل أكثر من ضعف المعدل السنوي للتحسن في استهلاك الوقود على مدى السنوات الـ9 الماضية، بحسب تقرير وكالة حماية البيئة.
ورغم هذا التحسن؛ فإنه لا يزال هناك طريق طويل للوصول إلى معايير كفاءة استهلاك الوقود التي حددتها الولايات المتحدة بحلول عام 2026؛ حيث يفترض أن تصل كفاءة المركبات إلى متوسط 49 ميلًا للغالون خلال العامين المقبلين.
ووضعت الإدارة الوطنية للسلامة المرورية على الطرق السريعة (NHTSA) هذه المعايير في استهلاك الوقود نهاية عام 2022، ثم اقترحت زيادتها في وقت سابق من عام 2023 بالنسبة للسيارات المصنعة بين عامي 2027 و2032.
6 شركات فقط تستوفي المعايير
سجّلت 3 شركات تتخذ من الولايات المتحدة مقرًا لها (ستيلانتس وجنرال موتورز وفورد)، أقل كفاءة في استهلاك الوقود بما يتراوح بين 21 و23 ميلًا لكل غالون، مقارنة بالشركات الأجنبية التي وصلت إلى 29 ميلًا للغالون مثل هيونداي وهوندا.
ولم تستوفِ المعايير سوى 6 شركات فقط في السوق الأميركية، هي: تيسلا، وهوندا، وتويوتا، وهيونداي، وفورد، وسوبارو، دون اللجوء إلى ثغرات كما فعلت بعض شركات السيارات الأميركية الأخرى.
وبدلًا من العمل على استيفاء معايير عدد الكيلومترات المطلوبة للوقود، لجأت بعض شركات السيارات إلى شراء الاعتمادات التنظيمية (معظمها من تيسلا)، أو تجهيز المركبات بأنظمة “التهوية السلبية للمقصورة”، التي لا تعمل في الواقع على تحسين الانبعاثات.
وسجّلت 6 شركات سيارات هي: مازدا، وجنرال موتورز، وبي إم دبليو، وفولكسفاغن، وهوندا، وسوبارو، أقل كفاءة في استهلاك الوقود وأعلى معدلات انبعاثات على مستوى أسطول المركبات بصورة أسوأ مما سجلته على مدار 5 سنوات ماضية.
ولم توزع معظم شركات السيارات الأميركية سوى نسبة ضئيلة من المركبات الكهربائية؛ حيث لم يتجاوز إنتاج تيسلا من السيارات الكهربائية بالكامل أكثر من نسبة مئوية مكونة من رقم واحد من إجمالي السوق الأميركية.
التحول إلى الشاحنات والدفع الرباعي
زادت مبيعات سيارات الدفع الرباعي والشاحنات الصغيرة التي تستهلك كميات كبيرة من الغاز على حساب السيارات الأكثر كفاءة، كما زادت قوة المحركات الحصانية والحجم ووزن السيارة إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق.
واستحوذت السيارات على 37% فقط من إجمالي إنتاج جميع المركبات في عام 2022، وأدى التحول من السيارات إلى مركبات الدفع الرباعي والشاحنات الصغيرة والشاحنات الأخرى الأقل كفاءة إلى تفاقم أزمة كفاءة الأسطول والانبعاثات.
وبلغت نسبة المركبات الجديدة التي تعمل بالوقود الأحفوري أكثر من 90% في عام 2022، بينما لم تتجاوز نسبة المركبات الكهربائية أو الهجينة 7%، وسط توقعات بنموها إلى 12% في عام 2023، بحسب تقرير وكالة حماية البيئة الأميركية.
ورغم نمو مبيعات السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة؛ فإن هناك زيادة أخرى موازية في التحول من السيارات إلى الشاحنات، كما زاد التوجه لاستعمال الائتمانات التنظيمية بدلًا من التكنولوجيا المحسنة، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وتستطيع السيارات الكهربائية والهجينة في الوقت الحالي تحسين الانبعاثات بمقدار 22 غرامًا لكل ميل أو 1.2 ميلًا لكل غالون فقط؛ لأسباب متصلة بـ”سلسلة التوريد” التي ما زالت تعتمد بدرجات متفاوتة على الوقود الأحفوري.
زيادة وزن السيارة الكهربائية تقلل كفاءتها
مع نمو مبيعات السيارات الكهربائية، أجرت وكالة حماية البيئة الأميركية فحصًا لكفاءة هذه السيارات، وأغلبها من الشاحنات الصغيرة والثقيلة وسيارات الدفع الرباعي.
وانتهت الوكالة إلى نتائج مثيرة للانتباه، أبرزها أن زيادة وزن المركبات الكهربائية تؤدي إلى انخفاض الكفاءة، بسبب الحاجة إلى مزيد من الطاقة الكهربائية لتحريك السيارة.
كما تتسبب زيادة وزن السيارات الكهربائية في سرعة تآكل الإطارات والطرق؛ ما يؤدي إلى مزيد من التلوث الجزئي للبيئة بطريقة غير مباشرة متمثلة في زيادة استهلاك الإطارات ومواد رصف الطرق وغيرها.
وبينما احتفى البعض بنتائج تقرير الوكالة على مستوى التحسن في كفاءة استهلاك الوقود؛ فقد انبرى نشطاء المناخ والمنظمات والبيئية للهجوم على شركات السيارات الأميركية لضعف النتائج مقارنة بالأهداف المطلوبة والوعود السابقة.
في هذا السياق، شنّ مدير حملة النقل المناخي الآمن التابع لمركز التنوع البيولوجي دان بيكر، هجومًا حادًا على شركات السيارات الأميركية التي تدّعى قيادة حملة السيارات الكهربائية محليًا وعالميًا، متهمًا إياها بنشر الهراء إلى جانب التلوث على حد تعبيره.
وقال بيكر إن تقرير الوكالة يثبت زيف هذه الحملة ويضع شركات السيارات الأميركية في حرج بالغ؛ بسبب إخفاقها في الوصول إلى ما وعدت به تحت إدارة الرئيس الأميركي الأسبق بارك أوباما، قبل عقد من الزمن؛ حيث وعدت بخفض الانبعاثات بنسبة 5% سنويًا، وجاءت النتائج 2.2% في عام 2022.
وطالب الناشط المناخي إدارة الرئيس بايدن بالتدخل بإجراءات ومعايير مشددة لإجبار شركات السيارات الأميركية على خفض التلوث وتحسين استهلاك الوقود؛ فالشركات لن تُقبل على ذلك طوعًا على حد تعبيره.