تيسلا تجهض حلم السيارة الكهربائية الرخيصة.. ما السبب؟

المصدر: موقع الطاقة

ألغت عملاقة صناعة السيارات الكهربائية تيسلا (Tesla) خطة لإنتاج طراز سيارة كهربائية رخيصة، كان سيُطلق عليها “موديل 2″، ووصفها الرئيس التنفيذي إيلون ماسك بـ”الحلم”.

وفي يناير/كانون الثاني (2024)، قال ماسك للمستثمرين، إنه من المقرر بدء إنتاج السيارة الكهربائية ذات السعر المعقول خلال النصف الثاني من عام 2025 المقبل في مصنعها بولاية تكساس، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

وأشارت توقعات إلى أن سعر السيارة كان سيصل إلى 25 ألف دولار، بانخفاض عن سعر أرخص سيارة تُنتجها تيسلا حاليًا، وهي طراز “موديل 3”.

وكانت الآمال معلقة على السيارة الجديدة التي وعدت بها تيسلا المستثمرين منذ وقت طويل، وكان يُعول عليها لدفع مسيرة النمو داخل سوق السيارات الضخمة التي تعصف بها ارتفاع التكاليف والمنافسة الشديدة، خاصة من الصين وتباطؤ الطلب على السيارات الكهربائية.

شركة تيسلا الأميركية

يمثّل قرار تيسلا الذي كشفت عنه النقاب 3 مصادر ورسائل من داخل الشركة، تخليًا عن حلم اعتاد إيلون ماسك على وصفه بأنه “مهمته الأساسية” لإنتاج سيارات كهربائية ذات سعر معقول.

لكن الخطة الرئيسة للشركة منذ عام 2006 تتمحور حول تصنيع طرازات فارهة أولًا، ثم استعمال الأرباح الناتجة في إنتاج “سيارة عائلية منخفضة التكلفة”.

وانهار سهم شركة تيسلا بأكثر من 6% بعد النبأ الذي كشفت عنه وكالة رويترز، لكن إيلون ماسك وصف ذلك بـ”الكذب”.

وبعد تعليق ماسك، أغلقت التداولات على السهم في ختام تداولات أمس الجمعة (5 أبريل/نيسان) على انخفاض بنسبة 3.6%.

تيسلا موديل 3
تيسلا “موديل 3” – الصورة من موقع الشركة

وتواجه تيسلا منافسة عالمية شرسة من شركات السيارات الكهربائية الصينية التي غمرت السوق بطرازات يصل سعرها إلى 10 آلاف دولار.

وقال مسؤولان، إن قرار إلغاء خطة إنتاج سيارة كهربائية بسعر معقول اتُخذ خلال اجتماع حضره العشرات من موظفي الشركة في أواخر شهر فبراير/شباط الماضي (2022).

وأكد مسؤول آخر الإلغاء، وقال إن الخطة الجديدة تتضمن إنتاج سيارة أجرة ذاتية القيادة، ولكن بكميات أقل مما كان متوقعًا للسيارة طراز “موديل 2” (الملغاة الآن).

وقال شخص مطلع على الأمر: “أمر ماسك بالتوجه الكامل لإنتاج سيارة أجرة ذاتية القيادة”.

كما تضمنت رسائل متداولة في الشركة تعود إحداها إلى يوم 1 مارس/آذار لمدير برنامج نصح العاملين بقطاع الهندسة بالتوقف عن إخبار “المزودين بإلغاء البرنامج”.

كما أعرب مسؤول عن تفاؤله إزاء قرار تيسلا بالتحول لصالح إنتاج سيارات الأجرة ذاتية القيادة، وهو قطاع وصفه ماسك بأنه مستقبل النقل.

وبعد انهيار سهم تيسلا عقب أنباء إلغاء خطة إنتاج السيارة الكهربائية المرتقبة، نشر ماسك عبر صفحته على منصة “إكس” (X)، أن الكشف عن سيارة الأجرة ذاتية القيادة سيكون يوم 8 أغسطس/آب المقبل، وهو ما أعطى دفعة لأسهم الشركة في عمليات التداول بعد إغلاق البورصة.

لكن إنتاج سيارة الأجرة ذاتية القيادة يواجه تحديات، على رأسها أن تنفيذها يستغرق وقتًا أطول، بالإضافة إلى صعوبات هندسية ومخاطر تنظيمية أخرى.

المنافسة وتحديات أخرى

كانت الآمال معلقة على خطة تيسلا لإنتاج سيارة كهربائية بسعر معقول، بوصفها مفتاحًا لتحقيق هدف نمو المبيعات.

وكشف ماسك في عام 2020 عن هدف لبيع 20 مليون مركبة كهربائية بحلول عام 2030، وهو ضعف مبيعات شركة تويوتا اليابانية (Toyota)، وهي أكبر شركة سيارات في العالم.

وأصبح تحقيق ذلك الهدف موضع شك مع إجهاض خطة إنتاج الطراز “موديل 2” بسعر 25 ألف دولار، الذي عزز توقعات بزيادة المبيعات من 1.5 مليونًا في العام الماضي (2023) إلى 4.2 مليونًا بحلول 2028.

وبالأساس، يواجه أي مصنع للسيارات تحديًا عند جني الأرباح من السيارات منخفضة التكلفة، وبإلغاء الخطة تكون تيسلا في موقف أصعب، لأنها تواجه منافسة أكبر داخل ذلك النطاق السعري.

وخلال الربع الأخير من العام الماضي (2023)، حققت شركة بي واي دي الصينية (BYD) مبيعات قوية لسياراتها الكهربائية، لتخسر تيسلا للمرة الأولى لقب أكبر بائع للسيارات الكهربائية في العالم.

واستغرقت تيسلا سنوات لتطوير شاحنة سايبرترك الكهربائية الباهظة (Cybertruck)، لكن الشركات الصينية تقدمت سباق المبيعات بالسيارات الكهربائية الرخيصة، لتقتنص قطعة كبيرة من كعكة السوق الضخمة.

شاحنة تيسلا سايبرترك
شاحنة تيسلا سايبرترك – الصورة من موقع الشركة

وبينما كانت حصة الصين تتنامى، اتجه ماسك صاحب شركة تيسلا إلى الاعتناء بإمبراطوريته التي تضم شركة صناعة الصواريخ “سبيس إكس” (SpaceX)، ومنصة التواصل “إكس”، وشركة تطوير شرائح المخ “نيورالينك” (Neuralink).

وسجلت تيسلا انخفاضًا بنسبة 8% على أساس سنوي في عمليات التسليم يوم الثلاثاء (2 أبريل/نيسان)، لكن “بي واي دي” سجلت ارتفاعًا بنسبة 13%.

وهوى سهم تيسلا 5% بعد تلك الأنباء، وهو ما عمق انخفاضًا بأكثر من 40% منذ يوليو/تموز، ليصل إجمالي خسارة القيمة السوقية إلى 400 مليار دولار.

سيارات القيادة الذاتية

منح إيلون ماسك الأولوية لإنتاج سيارات الأجرة ذاتية القيادة، لكن الولايات المتحدة والصين هما الوحيدتان عالميًا اللتان وافقتا على الاستعمال التجريبي المحدود بشدة لهما على الطرق العامة.

وإلى الآن، لم تُثبت تيسلا قدرتها على إنتاج سيارة ذاتية القيادة رغم مرور سنوات على تصريحات لماسك بأن الأمر قريب للغاية، ما عزز ارتفاع القيمة السوقية للشركة الأميركية.

ورُفعت دعاوى قضائية على تيسلا وفُتحت تحقيقات بشأن حوادث تصادم بسبب سيارات تستعمل ميزة أوتو بايلوت للقيادة الذاتية (Autopilot)، في حين ألقت تيسلا باللوم على السائقين الغافلين.

وثمة تحقيق آخر في تقديرات تيسلا لنطاق القيادة الخاص بسياراتها، بعد أنباء وردت في العام الماضي عن أن عملاقة السيارات الكهربائية تلاعبت في العدادات الداخلية، لمنح المستهلكين توقعات وردية.

 

شارك هذا الخبر