المصدر: موقع الطاقة
يُعد تآكل إطارات السيارات الكهربائية أحدث ما فاجأ الراغبين في وسائل نقل أكثر صداقة للبيئة، إذ طالما تركزت غالبية المشكلات التي واجهت مرتاديها حول حرائق البطاريات ونقص نقاط التزود بالشحن، وفق حالات عدة تابعتها منصة الطاقة المتخصصة ونشرت عنها سابقًا.
ومع تكرار تعرض الإطارات للتآكل والتمزق على الطرق وفي أثناء خوض الرحلات، انتابت بعض الملاك تساؤلات عن أسباب حدوث ذلك في نوعية سيارات أُشيع عنها أنها أكثر أمانًا وأقل إطلاقًا للانبعاثات.
وزادت هذه التساؤلات مخاوف المصُنعين ونشطاء المناخ من تزايد الإقبال على شراء السيارات التقليدية مرة أخرى، خاصة مع مواجهة مشترين مواقف على الطرق السريعة بعد عدد أميال متوسط، واضطرارهم إلى تغيير هذه الإطارات أو السعي لإصلاحها بدولارات إضافية.
وتستعرض منصة الطاقة المتخصصة في التقرير التالي أسباب هذا التآكل، والوسائل التي توصل إليها المصنعون للسيطرة عليه حتى لا يكون عائقًا أمام خطط نشر السيارات الكهربائية.
أسباب التآكل
هناك نقاط عدة يمكنها تفسير أسباب تآكل إطارات السيارات الكهربائية بنسبة تفوق السيارات التقليدية، ويتعلق بعض هذه التفسيرات بتصنيع السيارات ذاتها والبعض الآخر له صلة وثيقة بمكونات الإطارات، حسب تقرير نشرته المجلة اليومية في ولاية فلوريدا الأميركية، ميامي هيرالد (Miami Herald).
وتتعرض إطارات السيارات الكهربائية إلى التآكل أسرع من نظيرتها العاملة بالغاز بمعدل يتراوح بين 20 و50%، وفق تقديرات شركات تصنيع الإطارات المطاطية ميشلان الفرنسية (Michlan)، وغوديير الأميركية (GoodYear).
وأقر مُصنعو الإطارات المطاطية بمعدل التآكل السريع لإطارات السيارات الكهربائية، وأرجعوه إلى أسباب تصنيعية بجانب أساليب القيادة ودورية الصيانة، نذكر بعضها في النقاط التالية:
1) وزن السيارات الكهربائية:
هناك فجوة كبيرة بين وزن السيارات الكهربائية ونظيرتها العاملة بالغاز، إذ تعمل أنظمة البطاريات هائلة الحجم على زيادة الضغط مسببة تآكلًا في الإطارات، طبقًا لتفسير شركة شانيز (Sanchez).
2) طريقة تصنيع الإطارات:
قد تدفع طريقة التصنيع نحو زيادة معدل تآكل إطارات السيارات الكهربائية، إذ تُنتج محركات وبطاريات هذه السيارات في بعض الأحيان المزيد من الكهرباء التي تزيد بصورة فورية من عزم دوران السيارة، ما يشكّل ضغطًا على المطاط داخل الإطارات، إلى أن يصل لحد احتكاكها بالطرق.
3) تجنب ضجيج المحركات التقليدية:
تعمل السيارات التقليدية بالمحركات الميكانيكية التي تصدر ضجيجًا مسموعًا لقائدي السيارات عند التشغيل، وتحويل الطاقة الحرارية في السيارة (نوع الوقود) إلى طاقة حركية.
ولتجنب هذا الضجيج المسبب لتآكل إطارات السيارات الكهربائية، لجأ مصنعون إلى تعزيز إطارات منتجاتهم بمكونات مطاط رغوية للسيطرة على الأصوات المزعجة لدى التشغيل.
وما لم يكن في الحسبان أن المكونات الإضافية والمواد التي تُضخ في مطاط الإطارات يسرّع عملية تآكلها.
ومع تزايد معدل التآكل، وتعرّض السيارات لحوادث، ابتكرت شركة تويوتا اليابانية (Toyota) أنظمة اصطناعية يمكنها تعويض أصوات تشغيل المحركات لتنبيه قائدي السيارات دون إحداث أضرار بالإطارات.
4) أساليب القيادة:
تتسبّب عادات السائقين ممن اعتادوا على قيادة السيارات التقليدية في زيادة معدل تآكل إطارات السيارات الكهربائية، لاختلاف التعامل مع مكوناتها ومقدار السرعة على الطرق.
5) دورية الصيانة:
لم يعتد مالكو السيارات الكهربائية على إجراء عمليات صيانة للإطارات وفحصها بصفة دورية، أو حتى قياس ضخ الهواء داخلها والزوايا وقدرة الدوران وغيرها، إذ كان ذلك معتادًا بصورة أكبر في السيارات التقليدية.
تجربة فلوريدا
كانت ولاية فلوريدا -ثاني أكبر أسواق السيارات الكهربائية الأميركية- شاهدة على المزيد من حالات تآكل إطارات السيارات الكهربائية، إذ تعرّض قائد سيارة مرسيدس سيدان إي كيو إس 450 (EQS 450)، لتآكل إطاره بعد 7 آلاف ميل فقط.
ويضطر قائد السيارة إلى دفع ما يتراوح بين 1400 و1500 دولار حتى يتمكن من تغيير إطارات سيارته الكهربائية، ما تسبب في صدمة له، إذ طالما اعتاد قيادة سيارة بمحرك احتراق عاملة بالبنزين دون تحمل هذه الخسارة المالية.
لم تكن حالة مالك المرسيدس سيدان الأولى من نوعها في ولاية فلوريدا الأميركية، إذ تكرر الأمر ليضيف مشكلة تآكل إطارات السيارات الكهربائية إلى المشكلات التي اشتهرت بها هذه النوعية من السيارات وأشهرها حرائق البطاريات.
ورصد فنيون في ورشة إصلاحات تقدم خدماتها لنحو 90% من السيارات الكهربائية في الولاية تصاعد وتيرة تعرض الإطارات للتآكل في أكثر من طراز، وتراوح مدى الإطارات قبل التآكل بين 8 آلاف و10 آلاف ميل فقط.
ويساوي هذا المعدل “رُبع” أو “خُمس” معدل تآكل إطارات السيارات العاملة بالغاز.
ما الحل؟
قد يتسبّب تآكل إطارات السيارات الكهربائية في تراجع مبيعاتها وخفض الإقبال على شرائها، لكنّ ثمة تعاونًا بين مُصنعي الإطارات والسيارات يجري، لتطوير ضغط الإطارات وخفض سعرها الذي يفوق الإطارات التقليدية بنحو 100 دولار، وفق ما نشره موقع جزمودو (Gizmodo) المعني بأخبار التقنيات والعلوم.
ويسعى محبو السيارات صديقة البيئة للإشارة إلى أن تآكل الإطارات هو شكوى متكررة من مالكي السيارات الكهربائية والتقليدية على حد سواء، لتجنب إضافة المزيد من المخاوف للمترددين في التخلي عن سيارات محرك الاحتراق الداخلي.
وبالتزامن مع ذلك، تكثّف الشركات المُصنعة للإطارات من إنتاجها لتعويض تخارج الإطارات المتآكلة والمتهالكة عن الخدمة، مع الترويج لإطاراتها بوصفها مُعدّة للتكيف مع السيارات الكهربائية.
وطرحت شركة ميشلان الفرنسية إطارًا قادرًا على معالجة الأضرار التي تلحق به، وقالت عنه إنه يوفر زيادة مدى السيارات الكهربائية بنسبة 7%.
واقترحت شركة كونتننتال تايرز (Continental Tyres) الألمانية، تعزيز بطانة الإطارات بمكونات إضافية تجعلها أكثر قابلية للتعامل مع السيارات الكهربائية.
ويبقى هناك سؤال مُلح حول ما إذا كانت مخاوف تآكل إطارات السيارات الكهربائية ستشكل ضربة جديدة للخطط المناخية وخفض الانبعاثات، خاصة مع الترويج لهذه السيارات بأنها صاحبة بصمة كربونية منخفضة مقارنة بالسيارات التقليدية العاملة بمحرك الاحتراق.