المصدر: موقع الطاقة
تشهد السيارات الكهربائية في أوروبا ازدهارًا كبيرًا، مدعومًا بخطط جادّة وطموحة لتعزيز انتشار مصادر الطاقة المتجددة والمركبات التي تعمل بالوقود النظيف، فضلًا عن سنّ قانون حظر مركبات الاحتراق الداخلي أوائل هذا العام 2023؛ وذلك بهدف خفض الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري؛ تحقيقًا لأهداف الحياد الكربوني بحلول منتصف هذا القرن.
وفي هذا الصدد، يشهد شمال فرنسا اليوم الثلاثاء (30 مايو/أيار 2023) افتتاح أول مصنع ضخم لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية، من ضمن 4 مصانع جديدة، بحسب تقرير نشرته وكالة رويترز، والذي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وعادةً ما تستورد أوروبا مكونات بطاريات السيارات الكهربائية من آسيا، وتستحوذ الصين وحدها على 77% من حصة البطاريات التي تستوردها القارة، غير أن تنامي القطاع والرغبة في تقليل تكلفة النقل والشحن دفع شركات بارزة لإقامة 4 مصانع في فرنسا.
إمكانات المصنع الجديد
يُعدّ المصنع الجديد الأول ضمن 4 مصانع ستبنيها شركات أوروبية وأسيوية لتصنيع بطاريات السيارات الكهربائية في أوروبا.
وتُقدَّر استثمارات المشروع الذي تقيمه شركة أوتوموتيف سيلز -المشروع المشترك بين “ستيلانتيس” و”مرسيدس” و”توتال إنرجي”، بملياري يورو (2.20 مليار دولار أميركي)، وتقدم الدولة الفرنسية والسلطات المحلية نصف تلك الاستثمارات.
ويقول الرئيس التنفيذي لشركة مرسيدس بنز أولا كالينيوس: “المصنع الجديد لشركة أوتوموتيف سيلز يمثّل علامة فارقة في مساعي أوربا لجعل صنّاع السيارات الكهربائية أكثر مرونة وتنافسية واستدامة”.
وسيبدأ المصنع إنتاج بطاريات الليثيوم أيون في وقت لاحق من العام الجاري (2023)، بقدرة مبدئية 13 غيغاواط/ساعة، وسترتفع إلى نحو 40 غيغاواط/ساعة، وهي كافية لتشغيل نصف مليون سيارة سنويًا”.
ومن المتوقع أن يوفر المصنع الجديد ألفي فرصة عمل بحلول عام 2030، حسبما تقول الشركات المساهمة والسلطات هناك.
وفي هذا السياق، أعلنت شركة “برولوغيم” التايوانية -التي تضم شركة مرسيدس بنز الألمانية وفين فاست الفيتنامية من بين مساهميها-، وشركة إنفيجن إيه إي إس سي الصينية، اعتزامهما تنفيذ خطط مشابهة.
وتستهدف الشركتان إقامة مصنعين ضخمين لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية بالقرب من ميناء دنكيرك في شمال فرنسا.
كما أقامت رينو الفرنسية شراكة مع فركور المحلية الناشئة بالمنطقة نفسها، لإنتاج بطاريات كهربائية لنماذجها الشهيرة “ألبين”.
حوافز وتحديات
يسلّط المشروع الضوء على السباق بين الحكومات الأوروبية لجذب صنّاع السيارات العالميين؛ سعيًا لتقريب إمدادات مكونات السيارات الكهربائية في أوروبا، من الأسواق الرئيسة بالقارة العجوز.
ويقدّم قادة القارة حوافز مختلفة لدفع الصناعة الناشئة قدمًا، خوفًا من تعاظم دور آسيا التي تصدر معظم بطاريات السيارات الكهربائية إلى أوروبا.
ووضع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون هدف إنتاج مليوني سيارة كهربائية في بلاده بحلول عام 2030، كما سعى إلى إقامة مصنع ضخم لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية في منطقة دنكيرك.
وكانت شركتا رينو وستيلانتيس الفرنسيتان قد أعلنتا، في أكتوبر/تشرين الأول من عام 2021، التزامهما بإنتاج مليوني سيارة كهربائية جديدة في فرنسا بحلول عام 2030، بحسب ما نشرته صحيفة لوموند، واطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
(الدولار الأميركي = 0.9084 يورو).
وأصبح هذا الاتجاه ملحًّا بعد تمرير الولايات المتحدة في العام الماضي (2022) قانون خفض التضخم الذي يتضمن ضخ 430 مليار دولار لتعزيز الطاقة النظيفة وخفض انبعاثات الكربون من أجل مكافحة تغير المناخ.
كما يقدّم القانون الأميركي إعفاءات ضريبية لتعزيز الإنتاج والتصنيع المحلي للسيارات الكهربائية ومكوناتها، وذلك ضمن مستهدف جعل 67% من السيارات المبيعة تعمل بالكهرباء بحلول عام 2030.
وفي هذا السياق، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن في عام 2021 خطة طموحة لجعل نصف السيارات المبيعة خالية من الانبعاثات الضارة.
وكان البرلمان الأوروبي قد مرر في 14 فبراير/شباط الماضي قانونًا يحظر بيع سيارات محرك الاحتراق الداخلي التي تعمل بالبنزين والديزل بدءًا من عام 2035؛ من أجل تسريع وتيرة التحول إلى السيارات الكهربائية ومكافحة التغير المناخي.
وسجلت مبيعات السيارات الكهربائية في أوروبا ارتفاعًا بأكثر من 15% خلال العام الماضي (2022)، وبلغ إجمالي عددها 2.7 مليون وحدة.
وشكّلت أوروبا وحدها نحو 10% من من مبيعات السيارات الكهربائية الجديدة في العالم، بحسب تقرير أصدرته وكالة الطاقة الدولية في مايو/أيار الجاري.