المصدر: موقع الطاقة
تنمو مبيعات السيارات الكهربائية في أوروبا سريعًا؛ إذ بيعت مليونا سيارة في جميع أنحاء أوروبا خلال عام 2023 وحده؛ وهو ما يفرض على القارة العجوز ضرورة السعي إلى التفوق على الصين.
ونظرًا إلى تفوّق بكين في مجال تكنولوجيا البطاريات وتباطؤ شركات صناعة السيارات الأوروبية، يجري استيراد المزيد من هذه السيارات الكهربائية من الصين.
ولذلك، يتعيّن على أوروبا أن تعمل على إزالة الكربون في أسرع وقت ممكن مع حماية المصالح الاقتصادية والاجتماعية والأمنية الأساسية، وفق ما توصل إليه تقرير حديث اطّلعت منصة الطاقة المتخصصة على تفاصيله.
ولا ينبغي أن تُترجم إزالة الكربون في الاتحاد الأوروبي إلى تقليص التصنيع، كما أن للسياسة التجارية دورًا رئيسًا تؤديه.
أداة فعّالة في أوروبا
تحتاج إزالة الكربون دون إزالة التصنيع إلى سياسة تجارية مدروسة بعناية، ويُمكن أن تكون التعريفات الجمركية أداة فعّالة، كما يوضح الاتحاد الأوروبي للمنظمات غير الحكومية المعنية بالنقل الأخضر “النقل والبيئة” (T&E)، في تلخيص بحثه الصادر مؤخرًا.
ومع توقّع صدور حكم المفوضية الأوروبية قريبًا في تحقيقه بشأن مكافحة الدعم المقدم إلى السيارات الكهربائية الصينية، يبحث اتحاد النقل والبيئة في واردات أوروبا من السيارات الكهربائية وما قد تكون عليه الاستجابة الفعّالة لكل من المركبات الكهربائية والبطاريات.
ووفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة، فإن ما يقرب من خُمس جميع السيارات الكهربائية التي بيعت في الاتحاد الأوروبي العام الماضي (2023) صُنعت في الصين.
وأكثر من نصف هذه السيارات صُنعت من قِبل شركات صناعة السيارات الغربية العاملة في الصين، لكن العلامات التجارية الصينية بدأت تلحق بالركب.
ولن تمنع التعريفات الشركات الصينية من بناء مصانع في أوروبا، كما تفعل شركتا بي واي دي (BYD) وكونتمبوراري أمبيركس تكنولوجي “كاتل” (CATL) بالفعل.
ولكن يُمكن أن يؤدي ذلك إلى توطين سلاسل توريد السيارات الكهربائية في أوروبا مع تسريع دفع السيارات الكهربائية، من أجل تحقيق الفوائد الاقتصادية والمناخية الكاملة لهذا التحول، بحسب ما نقلته منصة “إنرجي بوست” (Energy Post).
ولذلك؛ فمن المهم أن تكون التعريفة الأعلى مصحوبة بدفعة تنظيمية لتعزيز خطط السوق الشامل للسيارات الكهربائية، مع التركيز على العروض المستدامة وبأسعار معقولة.
وعلى نحو مماثل، ينبغي لأوروبا أن تزيد التعريفات الجمركية على خلايا البطاريات إلى 20% على الأقل بحلول عام 2027، ارتفاعًا من المستوى المنخفض للغاية البالغ 1.3% اليوم.
ومن الممكن تقليص التعريفات الجمركية لتخفيف التأثير، واعترافًا بأن الواردات الصينية تساعد في دفع عملية إزالة الكربون إلى الأمام، وممارسة ضغوط تنافسية صحية على الشركات الأوروبية.
وعلاوة على التعريفات الجمركية، يُمكن للوائح التنظيمية القوية أن ترفع أهداف الجودة والاستدامة التي يمكن لشركات الاتحاد الأوروبي تحقيقها بسهولة أكبر من نظيراتها الصينية؛ وهو عائق مفيد آخر له فوائد خضراء حقيقية، كما يقول اتحاد النقل والبيئة.
العلامات التجارية الأوروبية مقابل الصينية
صُنعت 19.5% من جميع السيارات الكهربائية المبيعة في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي، العام الماضي (2023)، أو 300 ألف وحدة، في الصين.
وفي فرنسا وإسبانيا، صُنع ما يقرب من ثلث السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطارية المبيعة خلال عام 2023 في الصين.
ويأتي أكثر من نصف هذه السيارات من شركات صناعة السيارات الغربية: 28% من جميع السيارات الكهربائية المصنوعة في الصين استوردتها شركة تيسلا (Tesla)، مع إضافة شركة داسيا (Dacia) التابعة لشركة رينو (Renault) نسبة 20% أخرى.
لكن العلامات التجارية المحلية الصينية تلحق بالركب بسرعة: من 0.4% من سوق السيارات الكهربائية في عام 2019 إلى 7.9% في عام 2023.
ويتوقّع اتحاد النقل والبيئة الأوروبي أن تصل شركات مثل بي واي دي وإم جي (MG) وغيرها إلى 20% من سوق السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطارية بحلول عام 2027؛ وهذا يوضح التحدي الذي تواجهه أوروبا.
ووفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة؛ فإن رفع الرسوم الجمركية إلى 25% على الأقل (من 10% اليوم) من شأنه أن يطابق التعريفة التي فرضتها الولايات المتحدة في الأصل.
واستنادًا إلى متوسط أسعار المركبات الحالية؛ فمن المتوقع أن هذه الرسوم تجعل السيارات المتوسطة (سيارات السيدان والسيارات الرياضية متعددة الاستعمالات) المستوردة من الصين أكثر تكلفة من نظيراتها في الاتحاد الأوروبي، في حين ستظل السيارات الرياضية المدمجة متعددة الاستعمالات والسيارات الأكبر حجمًا أرخص قليلًا.
كما أنها ستجمع ما بين 3 مليارات و6 مليارات يورو (3.2 مليارًا إلى 6.4 مليار دولار) من الإيرادات السنوية الإضافية، معظمها للميزانية العامة للاتحاد الأوروبي التي ينبغي إعادة استثمارها في توسيع نطاق سلاسل التوريد المحلية للتكنولوجيا النظيفة.
وينبغي للمملكة المتحدة أن تحذو حذوها وأن ترفع تعريفات استيراد السيارات الكهربائية، مع الاتفاق على تحالف بطاريات أوروبي مع الاتحاد الأوروبي، من أجل سلسلة توريد سيارات كهربائية معفاة من الرسوم الجمركية.
بطاريات السيارات الكهربائية
لا ينبغي أن يكون التركيز على السيارات الكهربائية في أوروبا فقط؛ بل ينبغي للسياسة التجارية أن تصبح جزءًا لا يتجزأ من إستراتيجية صناعية خضراء.
وتقع بطاريات الليثيوم أيون في قلب هذا الأمر: فقد جرى استثمار أكثر من 180 مليار يورو (192 مليار دولار) في سلسلة قيمة البطاريات في الاتحاد الأوروبي، حتى الآن، ومعظمها من المصانع العملاقة.
وقد خُصِّصَت مليارات المساعدات الحكومية لمشروعات مثل مشروع نورثفولت في ألمانيا وفيركور في فرنسا.
ونتيجة لذلك؛ من المتوقع أن توفر أوروبا ثلثي الطلب محليًا خلال العام الجاري (2024)، ومن المحتمل أن تصبح مكتفية ذاتيًا بدءًا من عام 2026 فصاعدًا.
ولكن تنفيذ هذا الأمر لن يكون بالمهمة السهلة؛ إذ تُصنِّع الصين أكثر من ثلاثة أرباع القدرة العالمية بأسعار أقل بنسبة 20% على الأقل من نظيراتها في أوروبا، رغم أن الشائعات تقول إن العلامات التجارية الصينية تحصل على خلاياها بخصومات أعلى كثيرًا.
وتتفوّق الشركات الصينية على أوروبا في مجال التكنولوجيا والاستعداد لسلسلة التوريد؛ وتُعَد الفجوة مع الولايات المتحدة أصغر، لكن الخلايا المصنوعة في أميركا تستفيد من إعانات الدعم التي يقدمها قانون خفض التضخم بقيمة 45 دولارًا لكل كيلووات في الساعة.
وفي الوقت نفسه، تُعَد التعريفة الجمركية على استيراد خلايا بطاريات السيارات الكهربائية في أوروبا هي الأدنى مقارنةً بالصين (10% للاتحاد الأوروبي) أو الولايات المتحدة (10.9% للصين)، حيث تبلغ 1.3% فقط حاليًا.
ودون اتخاذ تدابير وقائية وداعمة حاسمة؛ فإن صناعة بطاريات السيارات الكهربائية في أوروبا تخاطر بالخسارة أمام المنافسة الأجنبية.
لذلك، إذا كان هدف أوروبا هو الحصول على تصنيع كبير للبطاريات في أوروبا؛ فستحتاج إلى تقديم تدابير لخلق قوة جذب للتصنيع محليًا، مثل متطلبات قوية لاستدامة البطارية تكافئ التصنيع المحلي النظيف والدائري، متطلبات قوية لـ”صنع في الاتحاد الأوروبي”.
ولجذب صناعة خلايا البطاريات المحلية، ستحتاج أوروبا إلى زيادة التعريفات الجمركية إلى 20% على الأقل بحلول عام 2027 لسد فجوة التكلفة المتوسطة مع الصين.