المصدر: موقع الطاقة
تبدو السيارات الكهربائية خيارًا مبهمًا في عين المواطن الأميركي الذي سيفكر مرتين قبل استبدال سيارته العاملة بالبنزين، بناءً على عدّة عوامل، منها سعر الشراء وتوافر نقاط الشحن، على سبيل المثال.
من جانبها، تبذل الحكومة -بقيادة الرئيس جو بايدن- جهودًا ضخمة لجذب المزيد من الأميركيين لاستعمال السيارات الكهربائية، مستعينة في ذلك بإعفاءات ضريبية قد تقلل من سعر الشراء المرتفع، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
في المقابل، كشف استطلاع حديث للرأي نتيجةً صادمة؛ إذ قال نحو نصف المشاركين، إنهم يفضّلون امتلاك سيارة تعمل بالبنزين، في حين قال 19% فقط، إنهم يرغبون في امتلاك سيارة كهربائية، بحسب ما أوردته صحيفة واشنطن بوست (washington post).
وعدّد التقرير أبرز الأسباب التي تحول دون تحقيق التحول إلى السيارات الكهربائية في أميركا، وكان أبرزها شح نقاط الشحن، والانقسام السياسي بين الجمهوريين والديمقراطيين بشأنها، ومشكلات سلاسل التوريد المتعلقة بإنتاج البطاريات والسيارات نفسها.
استطلاع صادم
كشفت بيانات أن السيارات الكهربائية شكّلت 5% من إجمالي مبيعات السيارات في عام 2022 المنصرم، وارتفعت النسبة إلى نحو 7% في 2023.
ويشير باحثون متفائلون إلى وجود نقطة “اللاعودة”، التي سترتفع فيها حصة السيارات الكهربائية بإجمالي مبيعات السيارات بعد تجاوز حاجز 5%، لتنطلق بعدها إلى 25% و50%، وصولًا إلى 80%.
على الجهة الأخرى، يكشف تقرير الصحيفة الأميركية التردد الكبير الذي ينتاب المواطن قبل الإقدام على شراء سيارة كهربائية، وهي العوامل نفسها التي قد تعوق تحول البلاد الكامل نحو السيارات الكهربائية.
وعن ذلك، أجرت صحيفة واشنطن بوست بالتعاون مع مركز الديمقراطية والمشاركة المدنية التابع لجامعة ميريلاند استطلاعًا لمعرفة حدود الحماسة الأميركية تجاه السيارات الكهربائية على أرض الواقع.
وأُُجري الاستطلاع خلال المدة بين 13 و23 يوليو/تموز المنصرم (2023)، واختيرت عينة مؤلفة من 1404 بالغين.
وكشفت النتائج أن 46% من المشاركين بالاستطلاع قالوا، إنهم يفضلون امتلاك سيارة أو شاحنة تعمل بالبنزين، في حين قال 19% -فقط-، إنهم يفضّلون امتلاك مركبة كهربائية بالكامل، وقال 13%، إنهم يفضّلون امتلاك سيارة هجينة قابلة للشحن، وأيّد 22% المركبات الهجينة التقليدية.
تحديات التحول إلى السيارات الكهربائية
أعلنت شركات السيارات الأميركية إنفاق نحو 173 مليار دولار للتحول إلى السيارات الكهربائية، وتنتج الشركات بالسوق -مثل فولكس فاغن (Volkswagen)، وفورد (Ford)، وبي إم دبليو (BMW)، وجنرال موتورز (General Motors)، وأخرى- أكثر من 40 طرازًا كهربائيًا بالكامل متاحًا للشراء أمام المستهلكين الأميركيين.
لكن التردد الكبير في نفوس الأميركيين كان أحد أسبابه الرئيسة الانقسام بين الحزبين -الديمقراطي والجمهوري- قطبي السياسة في الولايات المتحدة؛ فالجمهوريون يرغبون في استمرار استعمال السيارات العاملة بالبنزين، ويقول ثلثاهم، إنهم يفضلون سيارات البنزين، بغضّ النظر عن التكلفة، في المقابل، تبدو سيارات البنزين أقلّ جاذبية في عيون الديمقراطيين، ويفضّل ربعهم فقط سيارات البنزين.
ويبدو الفارق جليًا بين الديمقراطيين والجمهوريين عند مقارنة آراء الرئيسَين الديمقراطي جو بايدن، والجمهوري السابق دونالد ترمب.
فقد أقرّ بايدن قانون خفض التضخم الأميركي في العام المنصرم 2022؛ بهدف دعم خطوات الحياد الكربوني في 2050، ويمنح القانون الذي وُصف بأنه أكبر حزمة مناخية عالمية إعفاءات ضريبة للسيارات الكهربائية والطاقة المتجددة.
في المقابل، انسحب ترمب من اتفاقية باريس للمناخ في يونيو/حزيران 2017، كما عدّ تغير المناخ خدعة، وقال، إنه لن يخاطر بثروة الطاقة الأميركية مقابل “أحلام أو طواحين هواء”.
كما هاجم ترامب سياسة بايدن بشأن السيارات الكهربائية، متعهدًا بـ”وقف هذا الجنون” حال انتخابه لمدّة ولاية جديدة، مشيرًا إلى أن خطط التحول إلى السيارات الكهربائية تهدد صناعة السيارات والعاملين بها والمستهلكين أيضًا.
أزمة شحن السيارات الكهربائية
تتوقع مديرة الأبحاث والتطوير بقطاع النقل في شركة “كوكس أوتوموتيف” (Cox Automotive) ستيفان فالديز ستريتي زيادة ضخمة في اعتماد السيارات الكهربائية بين الأميركيين خلال السنوات القليلة المقبلة، لكنها ربطت تلك التوقعات بسرعة التوسع في بنية الشحن الأساسية، وسرعة انخفاض أسعار السيارات الكهربائية.
وتؤكد ستريتي أن المستهلكين يرغبون بتجربة القيادة نفسها في سيارات محرك الوقود الداخلي، قائلة: “عندما أذهب للشحن، لا أريد الانتظار 4 ساعات”.
وتوجد في الولايات المتحدة نحو 57 ألف محطة شحن في أنحاء البلاد، لكنه رقم ضئيل مقارنة بنظيره في الصين، التي أقامت 650 ألف محطة شحن عامة في العام الماضي وحده 2022.
وكشف استطلاع صحيفة واشنطن بوست وجامعة ميريلاند أن الأميركيين يدركون حجم التحديات التي تواجه شحن السيارات الكهربائية في أميركا.
ويعتقد 74% من الأميركيين أن السيارة العاملة بالبنزين أفضل للقيادة في نطاق 250 ميلًا، وهو المدى الذي سيحتاج فيه السائقون إلى استعمال محطات الشحن السريع.
كما قال 66% من المشاركين، إن السيارات العاملة بالبنزين أفضل من حيث تكلفة الشراء، وأفضل من حيث التزود بالوقود بنسبة 75% مقارنة بالسيارات الكهربائية.
ومما يؤكد مشكلة شحن السيارات الكهربائية تجربة وزيرة الطاقة الأميركية جينيفير غرانهولم، التي انطلقت في رحلة برية للترويج للإنفاق الحكومي الضخم لدعم السيارات الكهربائية ونشر نقاط الشحن.
لكن موكب الوزيرة عندما توجّه للشحن في مدينة غروف تاون بولاية جورجيا، لم يجد ما يكفي من مقابس الشحن، فأحد الشواحن الـ4 كان محطمًا، والآخر كان مشغولًا.
ولذلك، حاول أحد موظفي وزارة الطاقة إنقاذ الموقف، عبر إيقاف سيارة غير كهربائية بجوار أحد أجهزة الشحن قيد التشغيل، لحجز مكان لوزيرة الطاقة لشحن سيارتها.
وفي هذا الوقت، لم تكن الوزيرة الداعمة للسيارات الكهربائية في أسعد حالاتها؛ إذ كان الوضع سيئًا مع وجود طفل بسيارتها الكهربائية كاديلك ليريك (Cadillac Lyriq)، تحت أشعة الشمس.
ثم قررت أخيرًا الاتصال بالشرطة للتدخل، لكن السلطات لم تتمكن من فعل شيء للوزيرة؛ إذ إنه من غير القانوني في جورجيا أن تطالب سيارة غير كهربائية بتوفير نقطة شحن.
ثم حاول العاملون بالوزارة تهدئة الموقف المتوتر، وأرسلوا سيارات أخرى متوقفة لنقاط شحن أبطأ لإفساح المجال للوزيرة وطاقمها.