مستقبل السيارات الكهربائية.. مبيعات 5 ملايين وحدة سنويًا في خطر (تقرير)

المصدر: موقع الطاقة

توشك صناعة السيارات الكهربائية العالمية على مواجهة انتكاسة كبرى، قد تعصف بثقة المستهلكين والمستثمرين في البلاد الغربية، مع زيادة التحوّل إلى المركبات الهجينة بمعدلات متسارعة.

وأظهر تقرير تحليلي حديث -اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)- انخفاض مبيعات المركبات الكهربائية في الولايات المتحدة وأوروبا بصورة كبيرة عن تقديرات الحالة الأساسية لعام 2024، ما دفع الحكومات والشركات المصنعة إلى تقليص الاستثمارات في النوع الكهربائي والتركيز على المركبات الهجينة القابلة للشحن وغيرها.

وتوقع التقرير أن يؤثر هذا التحول بشدة في مستقبل السيارات الكهربائية، مع احتمالات تعرّض مبيعات سنوية تصل إلى 5 ملايين مركبة كهربائية تعمل بالبطارية للخطر في الولايات المتحدة وأوروبا.

كما يتوقع تعرّض مصانع البطاريات العملاقة للخطر مع انخفاض الطلب، ما قد يؤدي إلى هبوط سعة البطاريات المركبة في الولايات المتحدة بنسبة 23%، وفي أوروبا بنحو 20%.

أسباب العزوف عن السيارات الكهربائية

هناك العديد من العوامل الرئيسة التي تؤثر في سوق المركبات الكهربائية وسلاسل التوريد، وتعوق إنتاجها وتبنيها على نطاق واسع في البلاد الغربية، من أبرزها التكلفة ونقص البنية التحتية للشحن وهيمنة الصين على سلاسل التوريد.

ورغم كل الجهود والمبادرات المبذولة لخفض تكلفة السيارات الكهربائية خلال السنوات الماضية، فإن أسعارها ظلّت أعلى من متوسط سعر السيارات في الولايات المتحدة بنسبة 50% عام 2023.

وأدى ارتفاع أسعار المركبات الكهربائية إلى تراجع مبيعاتها في الولايات المتحدة بنحو 69 ألف وحدة، وفي أوروبا بنحو 224 ألف وحدة خلال عام 2023، مقارنة بسيناريو الحالة الأساسية للمبيعات لدى شركة أبحاث الطاقة وود ماكنزي.

يوضح الرسم التالي -أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- تطور مبيعات السيارات الكهربائية العالمية منذ عام 2017، وتوقعاتها حتى عام 2027:

تطور مبيعات السيارات الكهربائية وتوقعاتها حتى 2027

على الجانب الآخر، تواصل سياسات الحماية الصناعية التأثير في الأسواق، مع انخفاض الإعانات والواردات منخفضة التكلفة من الصين وعراقيل المعايير التنظيمية.

كما تعمل أسعار الفائدة المرتفعة على إعاقة الاستثمارات كثيفة رأس المال في مجال الكهربة، ما دفع الشركات المصنعة للمعدات الأصلية إلى التحوّل للسيارات الهجينة وتأخير أهداف السيارات الكهربائية بسبب تشبع السوق.

ففي عام 2024 وحده، أرجأت شركة فورد أهداف إنتاج 600 ألف سيارة كهربائية، كما خفّضت شركة جنرال موتورز هدفها بمقدار 50 ألف وحدة، بحسب تطورات مشهد السيارات الكهربائية العالمي الذي تتابعه وحدة أبحاث الطاقة دوريًا.

تحديات البنية التحتية للشحن

يمثّل نقص البنية التحتية المتاحة للشحن أحد القيود الرئيسة أمام تبني السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة وأوروبا، ويرجع سبب هذه المشكلة إلى متطلبات التعاقد العالية مع العمالة المتخصصة ومعايير التشغيل الصارمة.

بينما يرجع سببها في أوروبا إلى طول مدة استخراج الموافقات والتراخيص والافتقار إلى الحوافز في 80% من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، بحسب وود ماكنزي.

ورغم وجود حوافز الإنتاج في الولايات المتحدة وأوروبا، فإن من المرجح أن يظل إنتاج المصانع العملاقة المحلية في كلتا المنطقتيْن أقل من الطلب الأساسي، مع استمرار ارتفاع تكاليف التصنيع المحلي والتعرفات الجمركية على واردات البطاريات، ما سيجعل الوصول إلى الخلايا المحلية بأسعار معقولة وكذلك الخلايا الصينية منخفضة التكلفة محدودًا.

وتفتقر الولايات المتحدة وأوروبا إلى القدرة على إنتاج البطاريات لتلبية الطلب المحلي، ما يزيد من اعتمادها على إمدادات الصين من المواد النشطة للكاثود (قطب كهربائي يخرج منه التيار في البطارية ويقابله قطب آخر يستقبل التيار يسمى الأنود).

وحتى مع وجود إمدادات كافية من اليابان وكوريا الجنوبية، تظل توقعات الحالة الأساسية تشير إلى وجود نقص في تلبية الطلب، وما تزال تقنيات أيون الصوديوم غير ناضجة بما فيه الكفاية لتلبية نقص الليثيوم، بحسب وود ماكنزي.

كذلك، ثمة خطر إضافي من التوسع في استعمال أنودات الليثيوم المعدنية في بطاريات الحالية الصلبة، لكونه سيؤدي إلى ارتفاع تكلفة بطاريات السيارات الكهربائية، ما سيزيد من تحدياتها المستقبلية.

على الجانب الآخر، أدى استحواذ المركبات الكهربائية على أغلب الحوافز الحكومية إلى تقييد الاستثمار في محركات الوقود منخفض الكربون، وحلول المركبات البديلة التي كان من الممكن أن تُسهم في سد فجوة التباطؤ في المبيعات الكهربائية.

لا مفر من الاستعانة بالصين

من المتوقع أن تؤدي الضغوط السعرية ونقص البنية التحتية للشحن إلى الحد من مبيعات السيارات الكهربائية، مع وجود مبيعات سنوية معرضة للخطر تصل إلى 5 ملايين وحدة في الولايات المتحدة وأوروبا، ما سيؤدي إلى خسارة 420 غيغاواط/ساعة من القدرة السنوية المركبة للشحن بحلول عام 2035، بحسب التقرير.

وتعتقد وود ماكنزي أن ارتفاع أسعار الغاز وتسريع البنية التحتية للشحن وتحفيز المبيعات يمكنه أن يعزز بصورة كبيرة من تبني المركبات الكهربائية في الولايات المتحدة.

كما يمكن لإزالة القيود المفروضة على مصادر المواد الصينية للبطاريات أن يقلل من التكاليف الإجمالية للبطاريات، ويكمن إدارة ذلك عبر ربط الإعانات الحكومية لمصانع المعدات الأصلية التي تلتزم بالاستثمار في الولايات المتحدة.

تصنيع بطاريات السيارات الكهربائية في الصين
تصنيع بطاريات السيارات الكهربائية في الصين – الصورة من insideevs

أما في أوروبا، فيمكن لمنح المركبات الهجينة القابلة للشحن إعفاء جزئيًا من تفويض المركبات الخالية من الانبعاثات بنسبة 100% في الاتحاد الأوروبي بحلول 2035، أن يزيد من فرص تطوير كفاءة المحركات وتحسينها لخفض الانبعاثات على المدى الطويل.

على الجانب الآخر، يمكن لزيادة الاستثمار في إنتاج أيونات الصوديوم أن تقلل من الطلب السنوي على المواد الخام الأخرى مثل أيونات الليثيوم بمقدار 400 غيغاواط/ساعة، لكن ذلك قد يحتاج إلى استثمارات تصل إلى 29 مليار دولار في 80 مصنعًا جديدًا.

وتعتقد وود ماكنزي أن الطريقة الوحيدة لسد العجز في صناعة البطاريات بالولايات المتحدة وأوروبا، هي الاستمرار في استيراد الخلايا والدخول في شراكات تصنيعية مع الشركات الصينية لتلبية الطلب المتزايد على البطاريات القائمة على الحديد.

 

شارك هذا الخبر