كيف يُنهي الغرب هيمنة الصين على السيارات الكهربائية؟

المصدر: موقع الطاقة

ما تزال الصين تبسط هيمنتها على سوق السيارات الكهربائية العالمية على الرغم من التدابير التحفيزية العديدة التي اتخذتها الحكومات الغربية لتحرير تلك السوق من قبضة بكين.

غير أن الإجراءات التي اتخذتها العديد من الدول الغربية لدعم صناعة المركبات الكهربائية لديها، بما في ذلك حزم الدعم والتعرفات الجمركية، لم تثبت جدواها في إيقاف الزحف الصيني في تلك التقنية منخفضة الانبعاثات.

وقد يكون تعزيز القدرة التنافسية هو كلمة السر في النهوض بصناعة السيارات الكهربائية في دول الاتحاد الأوروبي، ومساعدتها على مواكبة نظيرتها الصينية.

وخلال أكتوبر/تشرين الأول المنصرم أقر الاتحاد الأوروبي رفع الرسوم على السيارات الكهربائية الصينية من 10% حاليًا إلى 45%، لمدة 5 سنوات، تسري بدءًا من بداية نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.

هيمنة صينية

يزخر الطريق السريع الواصل من مدينة شنتشن إلى مدينتي دونغقوان وقوانغتشو جنوب الصين بكل السيارات التي يتعيّن أن تتيحها السوق العالمية -تقريبًا-، وفق ما ذكره الصحفي روبن هاردينغ في مقالة نشرتها صحيفة فايننشال تايمز.

وقال هاردينغ إن كل سيارة لديها -على ما يبدو- لوحة أرقام غير مألوفة، ومصابيح أمامية غريبة، ومحرك كهربائي صاخب، مضيفًا أن تلك هي السيارات الصينية الجديدة التي تهيمن على سوقها المحلية، وستهيمن -كذلك- على السوق العالمية قريبًا.

وأوضح هاردينغ أن صعود نجم السيارات الصينية في الصين كانت له ضحايا خارج الحدود، مشيرًا إلى أن شركة فولكسفاغن الألمانية تخطط لغلق مصانعها في ألمانيا وذلك للمرة الأولى، وتسريح عشرات الآلاف من عمالها مع خسارتها حصة سوقية كبيرة في الصين، وهي أكبر سوق للسيارات في العالم.

وأضاف كاتب المقال أن تلك ما هي سوى البداية، لافتًا إلى أن شركات صناعة السيارات تتعهد -حاليًا- بخفض التكاليف، وتناشد حكومات دولها منحها الدعم الكافي، وتطالب بفرض تعرفات جمركية -وهو ما أقره الاتحاد الأوروبي مؤخرًا- كما تحاول التمسك بمحركات الوقود الأحفوري.

وقال الكاتب إنه إذا كانت نية تلك الشركات هي المحافظة على التوظيف في تلك الصناعة، فإن المصير المحتوم لتلك الجهود هو الفشل؛ لأن الصدمة ليست في الصين وحدها أو السيارات الكهربائية، إنما في الاثنين معًا.

الصحفي روبن هاردينغ
الصحفي روبن هاردينغ – الصورة من chartwellspeakers

فهم السيارات الكهربائية

لفت كاتب المقال إلى أنه “من المهم فهم السبب في أن نظام نقل الحركة في السيارات كان رمز القوة الصناعية لقرن من الزمان؛ إذ يمثّل كل نظام من أنظمة نقل الحركة معجزةً هندسيةً، كونه يتألّف من آلاف الأجزاء المتحركة المُصممة بقوة تحمل عالية، والمجمّعة في حزمة مدمجة؛ بما يجعلها تعمل بأمان لسنوات على الرغم من الاهتزازات وسوء التعامل وتغيرات الطقس”.

وأوضح: “تلك السيارات يصعُب تصنيعها، وفي المقابل فإن السيارات الكهربائية ما هي سوى بطاريات على عجلات، وهي لا تعدو كونها نموذجًا مكبرًا من لعبة أطفال”.

كما تتسم سلسلة إمدادات السيارات الكهربائية بالبساطة، وأن جانبًا كبيرًا من قيمة تلك المركبات يكمن في البطارية التي تكون كيميائية وليست ميكانيكية، بحسب المقال.

وحتى دون الصين، والكلام للكاتب، فإن السيارات الكهربائية ستحدث تحولًا في صناعة السيارات، ومع ذلك تجيد الصين تصنيع السلع من المنتجات الكيميائية والكهربائية تمامًا، إذ لا يتطلب تصنيع تلك المنتجات سوى رأس مال رخيص، وهوامش تشغيل منخفضة وإمدادات كافية من العمالة الفنية بأسعار ميسورة.

خيارات سيئة

طرح كاتب المقال روبن هاردينغ سؤالًا في مقالته: ما الذي يتعيّن أن تفعله شركات السيارات إذن؟

وأجاب هاردينغ عن هذا السؤال بقوله: “هناك مجموعة من الخيارات السيئة، إحداها هي التعرفات الجمركية”.

واستطرد في حديثه: “بالإضافة إلى جميع الأسباب الاقتصادية غير المعتادة التي تجعلك تكره التعرفات الجمركية، فإن هذا الإجراء يمكن أن يحمي السوق المحلية فقط؛ ما قد يساعد المستوردين أمثال الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، لكنها لا تصب قط في مصلحة دول بعينها مثل ألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية، التي تعتمد على تجارة الصادرات المربحة، بما في ذلك المجوهرات الأصلية”.

السيارات الكهربائية الصينية في الجمارك الأوروبية
السيارات الكهربائية الصينية في الجمارك الأوروبية – الصورة من european news room

وتابع: “أسواق مثل أستراليا والسعودية التي تتمتع بقوة شرائية جيدة، ولكن ليست لديها صناعة سيارات محلية على الإطلاق، ليس لديها سبب وجيه لفرض تعرفات على السيارات، كما لا يوجد لديها أي مبررات لفرض تعرفات تمييزية ضد الصين”.

وواصل: “سارت الأمور مع أميركا من الاتجاه الآخر، مع تقديم الدعم إلى السيارات الكهربائية ومصانع إنتاج البطاريات الجديدة؛ لكن إنعاش صناعة السيارات الكهربائية شيء، ومحاولة دعمها شيء آخر إذا كان المنافس لديه تكاليف تصنيع منخفضة”.

وتابع: “والآن ومع دخول مصانع جديدة حيز التشغيل في أميركا، يبدو قانون خفض التضخم الذي مرره بايدن في عام 2022 انتصارًا للسياسات التصنيعية، وربما لا يكون هذا القانون كذلك بعد 5 سنوات”.

ودلل كاتب المقالة على صحة رأيه بحالة الألواح الشمسية، قائلًا إن أوروبا منحت دعمًا للتركيبات الشمسية وفرضت تعرفات على الخلايا الشمسية الصينية خلال المدة من عام 2013 إلى عام 2018، وهي المدة التي انهارت خلالها معظم صناعة الطاقة الشمسية في القارة العجوز.

وواصل: “يتعيّن عليك أن تتسم بالتنافسية نوعًا ما كي تبقى واقفًا على قدميك في المشهد؛ إذ إن أيًا من الدعم أو التعرفات لا يغيّر الواقع الصناعي”.

وثمة خيار سيئ آخر يتمثّل في محاولة دفع السوق نحو استعمال تقنية مختلفة؛ فقد سعت اليابان وتويوتا حثيثًا لاستعمال خلايا وقود الهيدروجين، ويُعزى هذا -جزئيًا- إلى أن التعقيد التصنيعي يعني مزيدًا من الحواجز التي تعترض دخول تلك التقنيات إلى السوق، وفق المقال.

نموذج لإحدى السيارات الكهربائية
سيارة كهربائية على الطريق في أوروبا – الصورة من Car Magazine

خيارات جيدة

قال كاتب المقال إن هناك بعض الخيارات الجيدة المفيدة في هذا الخصوص، موضحًا أنه إذا ما محت السيارات الكهربائية القيمة المضافة في مجموعة نقل الحركة، يبقى السؤال هو: أين ستتركز تلك القيمة بعد ذلك؟

وأوضح أنه قد يكون من المنطقي استيراد البطاريات من الصين والإبقاء على التجميع النهائي محليًا، وفق ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة.

واختتم الكاتب مقالته بقوله: “لكن السيارات الكهربائية ما تزال بحاجة كذلك إلى مكونات متطورة مثل المكابح والوسائد الهوائية والإطارات”.

 

شارك هذا الخبر