السيارات الكهربائية.. الخليج ساحة تنافس جديدة بين تيسلا وبي واي دي

المصدر: موقع الطاقة

يبدو أن السوق الخليجية ستصبح ساحة منافسة جديدة بين شركات السيارات الكهربائية التي تتصارع من أجل اقتناص الحصة الأكبر من مبيعات تلك المركبات النظيفة في اقتصادات الدول الغنية بالنفط.

ورغم أن الظروف الاقتصادية المواتية وارتفاع الدخول الفردية تجعل اقتناء تلك السيارات أمرًا ميسورًا لكثير من مواطني الدول الخليجية، فإن مسألة نشر عددٍ كافٍ من شبكات الشحن في جميع أرجاء البلاد تمثّل التحدي الأكبر الذي يواجه الشركات المصنعة للترويج لتلك المركبات التي يُعوّل عليها في جهود الحياد الكربوني.

وبينما يتفق معظم الخبراء على أن السيارات الكهربائية هي المستقبل، لا يوجد هناك إجماع واسع على توقيت حصول ذلك، أو حتى إذا كانت ستحل محل سيارات الاحتراق الداخلي في الخليج أو أي مناطق أخرى من العالم، وفق ما أورده موقع آرابيان غالف بيزنس إنسايت Arabian Gulf Business Insight.

الطريق ما يزال طويلًا

وفق تقديرات نشرها موقع “8 بيليون تريز” 8billiontrees البيئي أوائل العام الجاري (2023)، شكلت السيارات الكهربائية ما نسبته 2.2% فقط من سوق السيارات العالمية، ما يشير ضمنيًا إلى وجود سيارة كهربائية واحدة، من كل 250 سيارة، وفق معلومات تثبتت من صحتها منصة الطاقة المتخصصة.

ولذا يرى الخبراء أن الطريق ما يزال طويلًا أمام  السيارات الكهربائية، لتحل محل نظيرتها العاملة بالوقود الأحفوري.

في المقابل تُظهر التقديرات الصادرة عن وكالة الطاقة الدولية نموًا متسارعًا في مبيعات السيارات الكهربائية، إذ استحوذت الأخيرة على قرابة 14% من جميع مبيعات السيارات الجديدة في العام الماضي (2022)، بزيادة أقل من 5% في عام 2020.

واستحوذت الصين على أكثر من نصف تلك المبيعات، وهو ما تجاوز المستوى المستهدف من مبيعات السيارات الكهربائية في ثاني أكبر الاقتصادات العالمية.

وفي أوروبا لامست نسبة السيارات الكهربائية نحو 20% من إجمالي مبيعات السيارات بوجه عام في بلدان القارة.

تيسلا تسيطر

مثّلت السيارات الكهربائية 8% من إجمالي مبيعات السيارات الجديدة في الولايات المتحدة الأميركية، بزيادة نسبتها 55%، قياسًا بالعام قبل الماضي (2021).

وفي ولاية كاليفورنيا -وحدها- تحمل واحدة من كل 4 سيارات على الطرق السريعة لمدينة لوس أنجلوس علامة تيسلا التجارية.

وهناك الكثير من طُرز السيارات الكهربائية من الشركات المصنعة لهذا النوع من المركبات الواعدة مثل: أودي، وفورد، وبي إم دبليو، ومرسيدس.

السياراات الكهربائية
سيارة تيسلا – الصورة من إن بي آر

آسيا مترددة

ما تزال هناك بلدان في آسيا تشعر بتردد كبير في التحول إلى كهربة أسطولها من السيارات.

وتمثّل السيارات الكهربائية نحو 1.5% من إجمالي مبيعات السيارات الجديدة في الهند وإندونيسيا، أكبر سوقين للسيارات خارج الصين، وفق تقديرات وكالة الطاقة الدولية.

في المقابل تشكل السيارات الكهربائية 3% من إجمالي مبيعات السيارات في تايلاند.

وفي مطلع العام الجاري (2023)، قال وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي، إن السيارات الكهربائية لا تستحوذ سوى على 1% من إجمالي المركبات التي تسير على الطرق الإماراتية، مع توقعات بأن ترتفع تلك النسبة إلى 30% سنويًا حتى عام 2028.

السعودية مهيَّأة

تستحوذ السيارات الكهربائية على قرابة 5% من إجمالي السيارات في المملكة العربية السعودية، بزيادة أقل من 1% في عام 2016، وفق أرقام وكالة الطاقة الدولية، طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.

وتضخ السعودية استثمارات مكثفة في أول علامة تجارية سعودية لصناعة السيارات الكهربائية في المملكة، “سير”، التي ستُصنع بالقرب من مدينة جدة الواقعة على ساحل البحر الأحمر.

وكانت الرياض قد كشفت في أكتوبر/تشرين الأول (2022) عن “سير”، مع خطط لبدء إنتاج سيارات الدفع الرباعي الكهربائية وسيارات السيدان من تلك العلامة التجارية في أواسط العقد الحالي (2025).

وسرعان ما تحركت شركة “سير” لاتخاذ الإجراءات اللازمة لإنشاء أول مصنع للسيارات الكهربائية في المملكة العربية السعودية.

فقد وقّعت “سير” مع مدينة الملك عبدالله الاقتصادية اتفاقية لشراء الشركة أرضًا بقيمة 359 مليون ريال (95.51 مليون دولار) في المدينة، لإقامة أول مصنع للسيارات الكهربائية في البلد الغني بالنفط.

(الريال السعودي = 0.27 دولارًا أميركيًا)

ويُقام “سير” على مساحة تزيد على مليون متر مربع في الوادي الصناعي، الواقع بالقرب من ميناء الملك عبدالله.

ويُتوقع أن يُسهم المصنع، فور اكتمال أعمال البناء، في توفير آلاف الوظائف المباشرة وغير المباشرة، تُخصص معظمها للكفاءات المحلية.

وعلاوة على ذلك، يملك صندوق الاستثمارات العامة السعودي حصلة الأغلبية في أسهم شركة “لوسيد إير”، Lucid Air ومقرها ولاية كاليفورنيا، التي تبرز بصفتها المنافس الرئيس لمواطنتها تيسلا المملوكة لقطب الأعمال والملياردير الأميركي إيلون ماسك.

وتُعد تلك المشروعات عناصر ضرورية في خطة التحول الوطني للمملكة “رؤية 2030″، التي تستهدف بناء قدرات تصنيعية خارج قطاع النفط، وتوفير وظائف في قطاع التكنولوجيا.

صالة عرض سيارة بي واي دي
صالة عرض سيارة بي واي دي – الصورة من asharqbusiness

الخليج ينتظر المنافسة

يبدو أن السيارات الكهربائية لن تجد الطريق أمامها مفروشًا بالورود في الدول الخليجية.

وسيكون انتشار السيارات على نطاق واسع في الخليج، مدفوعًا -على ما يبدو- بمنافسة شرسة بين عملاقة صناعة السيارات الأميركية تيسلا وبين “بي واي دي” أحد أكبر مصنعي السيارات الكهربائية في الصين.

ونجحت “بي واي دي” التي تفوقت مبيعاتها -عالميًا- على نظيرتها تيسلا، في أن تُثبث حضورًا قويًا في سوق السيارات الإماراتية عبر عقد الوكالة المبرم بينها وبين شركة الفطيم، وسياراتها التي تتزايد على نطاق واسع على الطرق الإماراتية.

“أتو3” تُغري الإماراتيين

يتمتع أحدث طراز من سيارة “أتو3” بالقدرة على قطع مسافة 420 كيلومترًا، قبل إعادة الشحن، كما تُزود السيارة بجميع التقنيات والخيارات التي قد يحتاج إليها العميل، ويلامس سعرها 150 ألف درهم إماراتي.

ويرى الخبراء أن تللك الخيارات الهائلة تكفي لإغراء المواطنين الإماراتيين للتخلي عن سيارات الوقود الأحفوري، أو حتى الدخول في منافسة شرسة مع تيسلا.

ويتوقف الكثير من هذا على مدى السرعة التي يمكن من خلالها أن تنشر السعودية والإمارات شبكات الشحن في أنحاء البلاد، وتحسين حجم وسعة البطارية، وهي التحديات الدائمة التي تواجه شركات السيارات الكهربائية.

شارك هذا الخبر